كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 4)

النَّاسِ، لَهُمُ الشَّرَفُ في الآخِرَةِ، يَا أَسَامَةُ! إِذَا رَأَيْتَهُم في بَلْدةٍ فَاعْلَم أَنَّهم أَمَانٌ لِتِلْكَ البَلْدَةِ، لا يُعَذِّبُ اللهُ تَعَالَى قَوْمَا هُمْ فِيْهِم، عَسَى أَنْ تنجُو بِهِم، إِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَأتِيَكَ الْمَوْتُ وَبَطْنُكَ جَائِعٌ وَكَبِدُكَ ظَمْآنٌ فَإِنَّكَ تُدْرِكُ بِذَلِكَ شَرَفَ الْمَنَازِلِ، وَتَحُلُّ مَعَ النَّبِييْنَ، وَتَفْرَحُ بِقُدُوْمِ رُوْحِكَ الْمَلائِكَةُ، وَيُصَلي عَلَيْكَ الجبارُ" (¬1).
وروى ابن أبي شيبة عن أُبي بن كعب - رضي الله عنه - قال: عليكم بالسبيل والسنة؛ فإنه ليس عبد على سبيل وسنة ذكر الرحمن ففاضت عيناه من خشيته فمسته النار أبدًا، وليس من عبد على سبيل وسنة ذكر الله فاقشعرَّ جلده من خشية الله إلا كان مثله كمثل شجرة يبس ورقها فهي كذلك إذ أصابتها ريح، فتحاتَّت ورقها عنها إلا تحاتت خطاياه كما يتحاتُّ عن هذه الشجرة ورقها، وإن اقتصاداً في سنَّة وسبيل خيرٌ من اجتهاد في غير سنة وسبيل، فانظروا أعمالكم فإن كانت اقتصاداً واجتهاداً أن تكونوا على منهاج الأنبياء وسنتهم (¬2).

1 - فمنها: العلم وطلبه، والرحلة في طلبه والاستزادة منه.
قال الله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: 19].
¬__________
(¬1) رواه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (347) عن سعيد بن زيد - رضي الله عنه -. قال الشوكاني في "الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة" (ص: 234): رواه الخطيب مطولاً عن سعيد بن زيد، وهو موضوع، وأكثر رجال إسناده لا يعرفون.
(¬2) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (35526).

الصفحة 512