كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 4)

30 - ومنها: العفو والاحتمال، ومقابلة السيئة بالحسنة.
قال الله تعالى حكاية عن يوسف عليه السلام: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف: 92].
وروى الخرائطي، وأبو نعيم عن عكرمة رحمه الله قال: قال الله تعالى: "يا يوسف! بعفوك عن إخوتك رفعت لك ذكرك في الذاكرين" (¬1).
وروى ابن مردويه عن ابن عباس - رضي الله عنه -: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما فتح مكة صعد المنبر فحمد الله وأثنى، ثم قال: "يَا أَهْلَ مَكَّةَ! مَاذَا تَظُنُوْنَ؟ مَاذَا تَقُوْلُوْنَ؟ " قالوا: نظن خيراً ونقول خيراً في ابن عم كريم قد قدرت، قال: "فَإِنِّيْ أَقُوْلُ كَمَا قَالَ أَخِيْ يُوْسُفُ: لاَ تَثْرِيْبَ عَلَيْكُمُ اليَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِيْنَ"، فخرجوا كأنما نُشروا من القبور، فدخلوا في الإسلام (¬2).
وروى الخرائطي عن الوليد بن مسلم قال: قال يوسف بن يعقوب عليهما السلام لإخوته الأسباط لمَّا حضرته الوفاة: "يا إخوتاه! إني لم أنتصف لنفسي من مظلمةٍ ظلمتها في الدنيا، وإن كنت أُظهر الحسنة وأرضى بالسيئة فذلك زادني في الدنيا، يا إخوتي! إني شاركت
¬__________
(¬1) رواه الخرائطي في "مكارم الأخلاق" (ص: 85)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (3/ 336).
(¬2) انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (4/ 578).

الصفحة 568