كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 4)

مَعَهُ حَيْثُ كَانَ" (¬1).
فإذا ترقى في إخلاصه ومراقبته لله تعالى حتى وصل إلى مقام العيان المعبر عنه بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث "الصحيحين": "الإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ" (¬2)، واستقام على ذلك كما قال تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ} [هود: 112].
قال الحسن رحمه الله: لما نزلت هذه الآية قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "شَمِّرُوْا"، فما رؤي ضاحكاً. أخرجه ابن حاتم (¬3).
فقد تحقق حينئذ بمقام الصديقية، وبكمال الإحسان.
والبر -أيضا- اسمٌ من شرطه استصحاب الخوف والحياء، وملازمة الذكر، والعزوف عن الدنيا، والحذر منها، والاستغناء عن الناس، و [استكمال] (¬4) المسلمين منهم، وطلب المعونة من الله تعالى، والبراءة من الحول والقوة، والاعتراف بالعجز والقصور، ودوام الافتقار إلى الله تعالى، وهذه كانت أحوال أبي بكر الصديق - رضى الله عنه -.
روى الحاكم، وأبو نعيم، والبيهقي في "الشعب" عن زيد بن أرقم - رضي الله عنه -: أنَّ أبا بكر الصديق استسقى، فأتي بإناء فيه عسل (¬5)، فلما
¬__________
(¬1) رواه البيهقي في "الأسماء والصفات" (2/ 445).
(¬2) رواه البخاري (4499)، ومسلم (8).
(¬3) انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (4/ 480).
(¬4) كلمة غير واضحة في "م"، والمثبت من "ت".
(¬5) في مصادر التخريج: "بماء وعسل" بدل "بإناء فيه عسل".

الصفحة 79