كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 4)

وضع على يده بكى [وردَّ الإناء] (¬1)، وانتحب، فما زال يبكي حتَّى بكى من حوله، فسألوه: ما الذي هيجك على البكاء؟ فقال: كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وجعل يدفع عنه شيئاً: "إِلَيْكِ عَنِّيْ، إِلَيْكِ عَنِّيْ"، ولم أرَ معه أحداً، فقلت: يا رسول الله! أراك تدفع شيئاً ولا أرى معك أحداً؟ فقال: "هَذهِ الدُّنْيَا مُثِّلَتْ لي بِمَا فِيْهَا، فَقُلْتُ لَهَا: إِلَيْكِ عَنِّيْ، فتنَحَّتْ، ثُمَّ رَجَعَتْ، فَقَالَتْ: أَمَا وَاللهِ إِنْ أفلَتَّ مِنِّي فَلَنْ يَتَفَلَّتَ مِنِّي مَنْ بَعدَكَ" فَخَشِيْتُ أَنْ تَكُوْنَ لَحِقَتْنَا، فَذَاكَ أَبْكَانِيْ (¬2).
وروى الحاكم في "التاريخ"، والعسكري في "المواعظ" عن الأصمعي رحمه الله قال: كان أبو بكر - رضي الله عنه - إذا مدح قال: اللهم أنت أعلم مني بنفسي، وأنا أعلم بنفسي منهم، اللهم اجعلني خيراً مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون، ولا تؤاخذني بما يقولون (¬3).
وروى ابن حبان (¬4) في "روضة العقلاء" عن ابن شهاب رحمه الله تعالى: أنَّ أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - قال يوماً وهو يخطب: استحيوا من الله حق الحياء؛ فوالله ما خرجت لحاجة منذ بايعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[أريد
¬__________
(¬1) زيادة من "حلية الأولياء".
(¬2) رواه الحاكم في "المستدرك" (7856)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (6/ 164) واللفظ له، والبيهقي في "شعب الإيمان" (10518).
(¬3) ورواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (30/ 332).
(¬4) في "م": "جبهان" بدل "حبان".

الصفحة 80