وقد روى الطبراني عن عبد الله بن عمر (¬1) - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لِكُلِّ شَيْءٍ مَعْدِنٌ، وَمَعْدِنُ التَّقْوى قُلُوْبُ العَارِفِيْنَ" (¬2).
والعارفون بالله هم الصديقون؛ فإنهم خواص العلماء، استقاموا على الخشية، والتقوى، والصدق.
وقال الله تعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23) لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ} [الأحزاب: 23، 24]؛ أي: بقدر صدقهم، أو بسبب صدقهم.
{وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب: 24]: نزلت هذه الآية في شهداء أحد، ومن بقي من أهل تلك الغزوة، وناهيك بهم صديقين!
وفي قوله تعالى: {وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 23]، إشارة إلى أنهم داموا على العهد، والصدق فيه حتى قتلوا، أو ماتوا.
وسئل أبو عبد الله القرشي رحمه الله تعالى عن الفرق بين الصادق والصِّدِّيق فقال: كل صادق بلسانه ولم تستقم أحواله لا يسمى صدِّيقاً حتى يستوي صدقه في أفعاله وأقواله وأحواله؛ إذ ذاك يستحق اسم الصديقية.
¬__________
(¬1) في "م": "عبد الله بن عمرو".
(¬2) رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (13185). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 268): فيه محمد بن رجاء، وهو ضعيف. وحكم عليه ابن القيم بالوضع في "المنار المنيف" (ص: 66).