كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 4)

إنَّ أركان الصدِّيقية أربعة:
أولها: التبري عن الأكوان كلها، كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[لأبي بكر - صلى الله عليه وسلم -، لمَّا تصدق بكل ماله: "مَا أَبْقَيْتَ لأَهْلِكَ؟ " قال: "الله ورسوله" (¬1).
وُيعبر عن ذلك بالحرية، ولذلك قال جدي الشيخ رضي الدين - رضي الله عنه - في "ألفيته" في التصوف: [من الرجز]
وُيعْرَفُ الصِّدِّيْقُ بِالْحُرّيَّة ... مِنْ رِقِّ كُلِّ صِفَةٍ نَفْسِيَّةْ
الثاني: التصديق بكل أمرٍ إلهي -وإن كان خارجاً عن العادات، والمألوفات- كما صدق أبو بكر - رضي الله عنه - بحديث الإسراء، وقد تزلزل فيه غيره لولا تصديقه - رضي الله عنه -، فهو أول المصدقين بذلك، وبكل أمر إلهي جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم -.
روى أبو عبد الله محمد بن منده في كتاب "فضائل أبي بكر"، والملاء في "سيرته"، وغيرهما عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِيْ قُلْتُ لِجِبْرِيْلَ عَلَيْهِ السَّلام: إِنَّ قَوْمِي لا يُصَدِّقُونِي، فَقَال لي جِبْرِيْل: يُصَدِّقُكَ أَبُو بَكْرٍ، وَهُوَ الصِّدِّيْقُ" (¬2).
¬__________
= مهران، بسند صحيح مرفوعاً، وذكر الحديث.
(¬1) رواه أبو داود (1678)، والترمذي (3675) وصححه، عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -.
(¬2) ورواه عبد الله ابن الإمام أحمد في "فضائل الصحابة" (1/ 140)، =

الصفحة 91