كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 4)

في المواطن التي يخاف فيها الضرر -كما سبق أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما حدث بحديث الإسراء سعى ناس من قريش إلى أبي بكر - رضي الله عنه - فقالوا: هل لك في صاحبك، يزعم أنه أُسريَ به الليلة إلى بيت المقدس؟ فقال: أَوَقَدْ قال؟ قالوا: نعم، قال: لئن قال ذلك لقد صدق ... الحديث.
وكما في حديث ابن عمرو من قول أبي بكر - رضي الله عنه -: أتقتلون رجلًا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات.
وروى ابن أبي الدنيا، وغيره: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "تَحَرَّوُا الصِّدْقَ وإنْ كَانَ (¬1) فِيْهِ الهَلَكَةُ؛ فَإنَّ فِيْهِ النَجَاةَ" (¬2).
ولذلك قال الجنيد رحمه الله: حقيقة الصدق أن تصدق في موطن لا يُنجيك فيه إلا الكذب (¬3).
وقال النهرجوري رحمه الله تعالى: حقيقة الصدق القول بالحق في مواطن الهلكة (¬4).
الرابع: الاستقامة على هذه الأخلاق الثلاثة.
وقد استقام عليها أبو بكر - رضي الله عنه - حتى لقي الله تعالى.
¬__________
(¬1) في "الصمت وآداب اللسان": "رأيتم" بدل "كان".
(¬2) رواه ابن أبي الدنيا في "الصمت وآداب اللسان" (ص: 227). قال المنذري في "الترغيب والترهيب" (3/ 365): معضل، ورواته ثقات.
(¬3) رواه القشيري في "رسالته" (ص: 247).
(¬4) رواه السلمي في "طبقات الصوفية" (ص: 286).

الصفحة 96