كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 4)
وبهذا أخذَ كثيرونَ (¬1)، أَوِ الأَكْثَرونَ.
فَمْن قال: هي العَشْرُ، وآخِرُها يومُ النَّحْرِ، أو يومُ التَّرْوِيَةِ وعرفةُ ويومُ النَّحْرِ، قالَ باختصاصِ التَّضْحِيةِ بِيومِ النَّحِر، وبه قالَ محمدُ بنُ سيرينَ (¬2).
ومن هؤلاءِ مَنْ جَوَّزَ التَّضحِيَةَ في غيرِ يومِ النَّحْرِ لدليلٍ آخرَ يأتي ذكرُه يدلُّ على تَرْكِ التخصيصِ.
ومن قالَ: يومُ النحرِ ويومانِ بعدَهُ، خَصَّصَ التضحِيَةَ بهذه الأَيام، وبهذا قال مالِكُ وأحمدُ، وروي عن عمرَ وابنِ عمرَ وأنَسٍ، وكَذا عن عَلِيٍّ في رِوايَةِ مُنْقَطِعَةِ -رضي الله تعالى عنهم- (¬3).
وذهب الشافعيُّ، وأبو حنيفةَ، والأوزاعيُّ، وداودُ إلى جوازِ التضحيةِ في يومِ النحرِ، وفي أيامِ التشريقِ، وهو قولُ عَلِي، وابنِ عباسٍ، وجُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ، وعطاء، والحَسَنِ، ومكحولٍ، وطاوسٍ -رضيَ اللهُ تَعالى عنهم- (¬4).
فمنْ هؤلاءِ مَنْ ذهبَ إلى هذا؛ لأنَّ الأيامَ المعلوماتِ عندَهُ يومُ النحرِ وأيامُ التشريقِ.
ومنهم مَنْ ذهبَ إلى هذا، وإن كانتِ المعلوماتُ عندَهُ هيَ العشرُ؛ لما
¬__________
(¬1) في "ب": " الكثيرون".
(¬2) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (5/ 244)، و "بداية المجتهد" لابن رشد (1/ 319)، و "المغني" لابن قدامة (9/ 359).
(¬3) (127) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (5/ 244 - 245)، و "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (12/ 43)، و "المغني" لابن قدامة (3/ 221)، و (9/ 358 - 359).
(¬4) انظر: "معرفة السنن والآثار" للبيهقي (7/ 235)، و"مغني المحتاج" للشربيني (4/ 282)، و"أحكام القرآن" للجصاص (5/ 67 - 68)، و "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (12/ 43 - 44).
الصفحة 18