كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 4)
الجملة الرابعة: خصَّ اللهُ سبحَانَهُ بَهيمَةَ الأنعام بالذِّكْرِ دونَ غَيْرِها منَ البهائِمِ.
وقد أجمعَ المسلمونَ على ذلكَ، وحكى ابنُ المُنْذِر عن الحَسَنِ بنِ صاِلحٍ أنه جَوَّزَ التضحيةَ ببقرةِ الوَحْشِ عن سَبْعٍ (¬1)، والظَّبْيِ عن واحِدٍ، ووافقه داودُ في بقرِ الوَحْشِ (¬2).
وأما ذكرُ اسمِ اللهِ تَعالى عليها: فقد قَدَّمْتُ اخْتِلافَ العُلَماء فيه، والمُخْتارُ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ لا واجِبٌ.
وصِفَتُه هُنا عندَ الشافعيةِ وجماعةٍ من أهلِ العلمِ أن يقولَ: بسم الله، والله أكبر، اللهمَّ منكَ وإليكَ، اللهمَّ تقبلْ مني (¬3).
وكرهَ أبو حنيفةَ الدُّعاءَ (¬4)، وكرهَ مالكٌ قولَ: اللهمَّ منكَ وإليك، وقال: هو بِدْعَهٌ (¬5).
الجملة الخامسة: أمر اللهُ سبحانَهُ بالأَكلِ والإطعام منها، وكذلك أمرَ بهما رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في هذهِ الأُضْحِية، فقال؛ "إنَّما نهيَتكم منْ أجلِ الدَّافَّةِ التي دفَّت عليكُم، فكلوا وتصدَّقوا وادَّخِروا" أوجب (¬6) وأمرَ في هَدْيِهِ الذي
¬__________
(¬1) في "ب": "سبعة".
(¬2) انظر: "المحلى" لابن حزم (7/ 370).
(¬3) انظر: "الأم" للشافعي (2/ 240)، و "المجموع" للنووي (8/ 303)، و"مغني المحتاج" للشربيني (4/ 273)، و"المغني" لابن قدامة (9/ 361).
(¬4) انظر: "الهداية" للمرغيناني (4/ 64)، و "بدائع الصنائع" للكاساني (5/ 60).
(¬5) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (12/ 66).
(¬6) رواه مسلم (1971)، كتاب: الأضاحي، باب: بيان ما كان من النهي عن أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث في أول الإسلام، وبيان نسخه وإباحته إلى متى شاء، عن عبد الله بن واقد.
الصفحة 21