كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 4)

الهَدْيُ الواجِبُ كَهَدْيِ الجُبْرانِ وهَدْيِ الكَفَّارَةِ والأُضْحِيَةِ المَنْذُورةِ، فَلا يجوزُ الأكلُ منها.
وقد انتهى القولُ بنا في بيانِ حُكْم الأضحيةِ جِنْساً ووَقَتْاً، ابتداءً وانتهاءً، وأما بيانُ صِفَتِها، فسيأتي -إنْ شاء اللهُ تعالى-.
الجملة السادسة: أَمَرَهُمُ الله سبحانه بقَضاءِ التَّفَثِ، وهو الوَسَخُ والقَذارَةُ من طولِ الشَّعْرِ والأَظْفارِ والشَّعَثِ (¬1)، قال الشاعرُ (¬2): [البحر البسيط]
جَفَوا رُؤُوسَهُمُ لَمْ يَحْلِقُوا تَفَثاً ... ويَنْزِعُوا عَنْهُمُ قَمْلاً وصِئْبانا
وقال مالِكُ -رحمه اللهُ-: التَّقَثُ: حَلْقُ (¬3) الشَّعْرِ، ولُبْسُ الثّيابِ، وما يَتْبَعُ ذلكَ (¬4).
وقد اختلفَ العلماءُ في حقيقةِ هذا الأمرِ: فمنهم من حَمَلَهُ على حقيقتِه، وقال: الحِلاقُ نُسُكٌ، وبهِ قالَ مالِكٌ، وهو الصحيحُ من قَوْلَيِ الشافعيِّ.
ومنهم من حَمَلهُ على الإباحَة؛ لتقدُّم الحَظْرِ، وبهِ قالَ الشافعيُّ في القولِ الآخرِ (¬5).
¬__________
(¬1) انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (1/ 191)، و"لسان العرب" (2/ 125) مادة (تفث).
(¬2) هو لأمية بن الصَّلتِ، البيت (14) من قصيدة:
الحمدُ لله ممسانا ومصبحنا ... بالخير صَبَّحَنَا ربي ومسانا
(¬3) في "ب": "حلاق".
(¬4) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (4/ 315).
(¬5) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (4/ 313 - 314)، و"بداية المجتهد" لابن رشد (1/ 269)، و"المجموع" للنووي (8/ 151)، و"مغني المحتاج" للشربيني (1/ 505)

الصفحة 23