فالمصرَّحُ فيهِ بجهةِ النَّذْرِ كقوله: (عَلَيَّ للهِ نَذْرٌ أَنْ أَحُجَّ)، وهذا لازمٌ عندَ الجمهورِ، وللشافعيةِ وَجْهُ أنه لا يصحُّ (¬1)، وأظنُّه قولَ بعضِ السلف.
والثاني كقوله: (للهِ عَلَيَّ نَذْرٌ).
وقد اختلفوا في الواجبِ عليه، فقال الكثيرُ منهم: في ذلكَ كفارةُ يمينٍ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "كفَّارةُ النَّذْرِ كفّارَةُ يمَينٍ" (¬2).
ولما رُوي عنه - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ نَذَرَ وسَمَّى، فعليه ما سَمَّى، ومَنْ لَمْ يُسَمِّ، فعليهِ كفارةُ يَمينٍ" (¬3)، وبهذا قال مالكٌ (¬4).
وقال قوم: فيه كفارةُ الظِّهارِ.
وقال قومٌ: أقلُّ ما يقعُ عليه الاسمُ من القُرَبِ من صيامِ يومٍ أو صلاةِ رَكْعتينِ (¬5).
¬__________
(¬1) انظر: "كشاف القناع" للبهوتي (6/ 274)، و"الحاوي الكبير" للماوردي (15/ 469)، و"مغني المحتاج" للشربيني (4/ 362 - 363).
(¬2) تقدم تخريجه.
(¬3) رواه أبو داود (3322)، كتاب: الأيمان والنذور، باب: من نذر نذراً لا يطيقه، وابن ماجه (2128)، كتاب: الكفارات، باب: من نذر نذراً ولم يسمه، والطبراني في "المعجم الكبير" (12169)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (10/ 72)، عن عبد الله بن عباس، بلفظ: "من نذر نذراً لم يسمه، فكفارته كفارة يمين".
(¬4) انظر: "بداية المجتهد" لابن رشد (1/ 311)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (5/ 166)، و"مواهب الجليل" للحطاب (3/ 269).
وهو مذهب الحنابلة والحنفية، انظر: "المغني" لابن قدامة (10/ 68)، و"شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (3/ 473)، و"كشاف القناع" للبهوتي (6/ 274)، و"بدائع الصنائع" للكاساني (3/ 7).
(¬5) وإليه ذهب القاضي حسين من الشافعية، انظر: "روضة الطالبين" للنووي (3/ 296).