وقال الشافعيُّ: لا يلزَمُهُ شيءٌ، فليسَ بنذرٍ (¬1).
والمعلقُ قد يكونُ مُعَلَّقاً على فِعْلِ اللهِ سبحَانُه؛ كقولهِ: إن شفى الله مريضي، فلله عليَّ كذا، وهذا أجمعَ العلماءُ على صحته.
وقد يكونُ مُعَلَّقاً على فِعْل العبدِ.
ثم هذا ينقسمُ إلى ما يُقْصَدُ به التقَّرُبُ إلى اللهِ تعالى؛ كقولهِ: إن جاءَ زيدٌ من سفره، فلله عليَّ كذا وكذا، وهذا لازِمٌ أيضاً.
وإلى ما يقصدُ به الحَثُّ على الفِعْلِ أو المَنع منه؛ كقوله: إن كَلَّمْت زيداً، فلله عليَّ كذا، وهذا الذي يُسَمَّى نَذْرَ اللِّجاج والغَضَب، ويسمِّيه المالكيةُ أيماناً.
وهذا اختلفَ العلماءُ فيه، وللشافعيةِ فيه ثلاثةُ أَوْجُهٍ: قيل: يلزمُ الوفاءُ بما نَذَرَ، وقيل: لا يلزم، وقيل: هو مُخَيَّرٌ بين الوفاءِ بما نَذَرَ، وبين كَفارةِ يمينٍ (¬2).
وأما مالِكٌ، فأخذَ بعموم الآيةِ، وألزم النذرَ على أيِّ جهةٍ وقع (¬3).
* فإن قلتَ: فأمرُ اللهِ سبحانَهُ الحَجيجَ بوفاءِ النذورِ مستلزِمٌ استحبابَ النَّذْرِ، أو إباحَتَهُ، ولا يستلزمُ أن يكونَ مكروهاً، ولكنه يعارضُه ما رواهُ ابنُ عمرَ -رضي الله تعالى عنهما- عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أنه نهى عن النذر، قال "إنه لا يأتي بِخَيْرٍ، وإنما يُسْتَخْرَجُ بهِ مِنَ البَخيلِ (¬4) ".
¬__________
(¬1) انظر: "روضة الطالبين" للنووي (3/ 296)، و"مغني المحتاج" للشربيني (4/ 355 - 356).
(¬2) انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (15/ 461)، و"المجموع" للنووي (351/ 8).
(¬3) انظر: "مواهب الجليل" للحطاب (3/ 269 - 279).
(¬4) رواه البخاري (6234)، كتاب القدر، باب: إلقاء العبد النذر إلى القدر، ومسلم =