كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 4)
ويَنْحَرُ بالمُصَلَّى (¬1)، وبقوله: - صلى الله عليه وسلم - "مَنْ راحَ في السَّاعَةِ الأُولى، فَكَأَنَّما قَرَّبَ بَدَنَةً، ومَنْ راحَ في الساعَةِ الثانيةِ، فَكَأَنَّما قَرَّبَ بَقَرةً، ومن راحَ في السّاعَةِ، الثَّالِثَةِ، فَكَأَنَّما قَرَّبَ كبْشاً" (¬2).
* ومن تعظيمِ شعائرِ اللهِ تَعالى عندَ مالكٍ والشافِعيِّ وغيرهما ما اشتهرَ من عَمَلِ السلفِ -رضيَ اللهُ تَعالى عنهم- منْ تَجْليل البُدْنِ بالثِّيَابِ (¬3)، فكانَ بعضُ السَّلَفِ يُجَلِّلُها بالوَشْيِ، وبَعْضُهم بالحِبَرِ، وبعضُهم بالقَباطِي والمَلاحِفِ والأُزُرِ، وكانَ ابنُ عمرَ -رضيَ اللهُ تعالى عنهما- يُجَلّلُها الأَجْلالَ المُرْتَفِعَةَ منَ الأَنْماطِ والبُرودِ والحِبَرِ (¬4)، وكان ابنُ عُمَرَ يَقِفُ بالهَدْيِ بعَرَفَةَ، ويَراهُ من تَعْظيمِها، وكانَ يقولُ: الهَدْي ما قُلِّدَ وأُشْعِرَ ووُقِفَ بِهِ بعرفَة (¬5).
* وأباحَ اللهُ سبحانَهُ لنا الانتفاعَ بهِا إلى أَجَل مُسَمًّى، واختلفَ أهلُ العلمِ بالقرآنِ في هذا الأَجَلِ.
فقالَ أكثرُ المُفَسِّرينَ: هُوَ وَقْتُ تَسْمِيَتِهِ لَها هَدْياً، فَلَهُ أنْ ينتفعَ بركوبِها
¬__________
(¬1) رواه البخاري (5232)، كتاب: الأضاحي، باب: الأضحى والمنحر بالمصلى.
(¬2) رواه البخاري (841)، كتاب: الجمعة، باب: فضل الجمعة، ومسلم (850)، كتاب: الجمعة، باب: وجوب غسل الجمعة على كل بالغ من الرجال، عن أبي هريرة.
(¬3) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (4/ 249 - 250)، و"المجموع" للنووي (8/ 256).
(¬4) رواه ابن المنذر من طريق أسامة بن زيد، عن نافع: أن ابن عمر كان يجلل بُدْنَه الأنماطَ والبرود والحبر حتى يخرج. انظر: "فتح الباري" لابن حجر (3/ 549).
(¬5) رواه الإمام مالك في "الموطأ" (1/ 379)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (13207)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (5/ 232).
الصفحة 31