كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 4)

ولبنِها ونَسْلِها وأَصْوافِها وأَوْبارِها، ما لَمْ يُسَمِّها هَدْياً، فإذا سَمّاها، انقطَعَتِ المنافِعُ (¬1).
وقالَ عطاءُ بنُ أبي رَباحٍ: هو وَقْتُ نَحْرِها (¬2)، وبهِ قالَ عامَّةُ الفُقهاء (¬3)؛ لأنها قبلَ تسميتِها وإيجابها لا تُسَمَّى شَعائِرَ، ولِما روى أبو هريرةَ -رضيَ اللهُ تعالى عنه-: أَنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَجُلاً يسوقُ بَدَنَةً، فقالَ: "ارْكَبْها"، فقال: إنَّها بَدَنة، فقالَ في الثانيةِ أوِ الثالثة: "ارْكَبْها وَيْلَكَ" (¬4)، خَرَّجَه البخاريُّ ومسلمٌ.
ولكنهم اختلفوا:
فذهبَ بعضُ الظاهريةِ إلى جوازِ ركوبِها من غيرِ ضَرورةٍ ما لم يُضِرَّ بِها؛ لمطلق الأمرِ، ولمخالفةِ شعارِ الجاهليةِ من إكرامِ البَحيرَةِ والسَّائبة، وهو قولُ عروةَ بنِ الزبيرِ، ومالكٍ في روايةٍ عنه، وأحمدَ، وإسحاقَ.
وذهبَ أبو حنيفةَ والشافعيُّ ومالِكٌ في الروايَةِ الصَّحيحةِ إلى جوازِ رُكوبِها عندَ الحاجةِ والضرورةِ دُونَ غيرِها (¬5)؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ارْكَبْها
¬__________
(¬1) انظر: "تفسير الطبري" (17/ 157)، و "التفسير الكبير" للرازي (23/ 30)، و "تفسير ابن كثير" (3/ 221)، و "الدر المنثور" للسيوطي (6/ 46).
(¬2) انظر: "تفسير الطبري" (17/ 158).
(¬3) انظر: "المغني" لابن قدامة (3/ 287)، و "المجموع" للنووي (8/ 256 - 257)، و "أحكام القرآن" للجصاص (5/ 78)، و"بدائع الصنائع" للكاساني (2/ 225)، و "الاستذكار" لابن عبد البر (4/ 241).
(¬4) رواه البخاري (1604)، كتاب: الحج، باب: ركوب البدن، ومسلم (1322)، كتاب: الحج، باب: جواز ركوب البدنة المهداة لمن احتاج إليها.
(¬5) انظر: "المغني" لابن قدامة (3/ 287)، و "كشاف القناع" للبهوتي (3/ 12)، و"الحاوي الكبير" للماوردي (4/ 376)، و"أحكام القرآن" للجصاص (5/ 78)، و "الهداية" للمرغيناني (1/ 187)، و "بداية المجتهد" لابن رشد =

الصفحة 32