 
	    كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 4)
ما نجدُ الرَّجْمَ في كِتابِ اللهِ، فَيَضِلُّونَ بتركِ فَريضةٍ أَنزلَها اللهُ، ألا إن الرَّجْمَ إذا أَحْصنَ الرجلُ، وقامَتِ البينةُ، أو كانَ الحَبَلُ أوِ الاعترافُ، وقد قرأناها: (الشيخُ والشَّيخَةُ إذا زَنيَا فارجُموهُما ألبَتَّةَ)، وقَدْ رَجَمَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، ورَجَمْنا (¬1).
ثمَّ اختلفَ أهلُ السنةِ.
فقالَ قومٌ ببقاءِ عُموم الآيةِ، فأوجَبوا الجَلْدَ معَ الرَّجْمِ في حَقِّ المُحْصَنِ، وإليه ذهبَ الحَسَنُ وأَحْمَدُ وإسحاقُ وداودُ (¬2)، واحتجُّوا بحديثِ عُبادَةَ بنِ الصَّامِتِ (¬3)، ولما رُويَ: أَنَّ عَلِيًّا -رضي اللهُ تعالى عنه- جَلَدَ شُرَيْحَةَ الهَمْدانِيَّةَ يومَ الخَميسِ، ورجَمَها يومَ الجُمُعة، وقال: أَجْلِدُها بكتابِ اللهِ، وأرجُمُها بِسُنَّةِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - (¬4).
وقالَ جُمهورُهم: نُسِخَ الجَلْدُ عن المُحْصَنِ (¬5)؛ لأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَجَمَ ماعِزاً، ولَمْ يَجْلِدْهُ (¬6)، وأَمَر أُنَيْساً أن يغدوَ على امرأةِ الرجلِ، فإن اعترفَتْ
¬__________
(¬1) رواه البخاري (6441)، كتاب: المحاربين، باب: الاعتراف بالزنا، والبخاري أيضاً (6442) كتاب: المحاربين، باب: رجم الحبلى في الزنا إذا أحصنت، ومسلم (1691)، كتاب: الحدود، باب: رجم الثيب في الزنا.
(¬2) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (7/ 478)، وعن الإمام أحمد روايتان، انظر: "المغني" لابن قدامة (9/ 39 - 40).
(¬3) تقدم تخريجه.
(¬4) تقدم تخريجه.
(¬5) انظر: "الأم" للشافعي (6/ 134)، و"روضة الطالبين" للنووي (10/ 86)، و"مغني المحتاج" للشربيني (4/ 146)، و"أحكام القرآن" للجصاص (5/ 97)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (7/ 478)، و"بداية المجتهد" (2/ 325)، و"القوانين الفقهية" لابن جزي (ص 232).
(¬6) تقدم تخريجه.
الصفحة 41