صَفْوانَ بنَ أُمَيَّةَ بعثَ (¬1) بِلِبَأ (¬2) وجِداية (¬3) وضَغابيسَ (¬4) إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -, والنبيُّ في أعلى الوادي، قال: فدخلتُ عليه، ولم أسلِّمْ، ولم أستأذنْ، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "ارْجِعْ فَقُلِ: السَّلامُ عليكُمْ، أَأَدْخُلُ؟ " (¬5)، قال الترمذيُّ: حديثٌ حَسَنٌ.
وقال بعضُهم: إن وقعَ نظرُ المستأذِن على صاحِبِ المنزلِ، قَدَّمَ السَّلامَ، وإنْ لم يقعْ، قَدَّمَ الاستئذانَ، وقدَّمَ هذا القولَ أَقْصَى القُضاة الماورديُّ من الشافعيةِ بعدَ أَنْ حَكى ثلاثةَ أَوْجُهٍ للشافعية (¬6)، واختارَ النوويُّ الثانيَ (¬7)، وهو كما اختارَ؛ لبيانِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ونَصِّهِ عليه.
* فإن قلتُم: فهلْ هذا الحكمُ عامُّ في الأَحرارِ والعبيدِ، أو خاصٌّ بالأحرارِ؟
قلتُ: هو خاصٌّ بالأحرارِ، وأما العبيدُ، فقد أفردَ اللهُ سبحانَه استِئْذانهم
¬__________
(¬1) في "ب": "بعثه".
(¬2) اللِّبأ: كعِنَب، أول اللبن في النّتاج. "مختار الصحاح" (مادة: لبأ).
(¬3) جداية: هي ولد الظِّباء، ما بلغ ستة أشهر أو سبعة، ذكراً كان أو أنثى، بمنزلة الجدي من المعز. "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (1/ 248).
(¬4) ضغابيس: الضُّغْبُوس: بوزن العصفور، والضَّغابيس: صغاء القثاء. "مختار الصحاح" (مادة: ضغبس).
(¬5) رواه أبو داود (5176)، كتاب: الأدب، باب: كيف الاستئذان؟ والترمذي (2710)، كتاب: الاستئذان، باب: ما جاء في التسليم قبل الاستئذان، والإمام أحمد في "المسند" (3/ 414)، والبخاري في "الأدب المفرد" (1081)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (794)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (8/ 339).
(¬6) انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (14/ 146 - 147).
(¬7) انظر: "شرح مسلم" للنووي (14/ 131)، و"المجموع" للنووي (4/ 511).