كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 4)

* وبين النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن سلامَنا الذي هو تحيةٌ من عندِ اللهِ مباركَةٌ طيبةٌ خاصٌّ بنا دُونَ غيرنا؛ كما قيدُه الله سبحانه.
فروينا في "صحيح مسلم" عن أبي هُريرةَ -رضيَ اللهُ تعالى عنه -: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تَبْدَؤوا اليهودَ ولا النَّصارى بالسَّلامِ، فإذا لَقِيتُمْ أحدَهُم في طَريقٍ، فاضْطَرُّوهُ إلى أَضْيَقِهِ" (¬1).
واختلفَ الشافعيةُ هلْ هذا النهيُ على التحريمِ، أو الكراهةِ؟ والصحيحُ عندَ أكثرِهم التحريمُ (¬2).
ولو سَلَّمَ على رجلٍ ظَنَّهُ مسلِماً، فبانَ كافِراً، استردَّ سلامَهُ؛ كما فعلَ ابنُ عمرَ -رضيَ اللهُ تَعالى عنهما -، وبهذا عملتِ الشافعيةُ (¬3).
وقالَ مالكٌ: لا يستقيله (¬4) (¬5).
¬__________
= والترمذي (2706)، كتاب: الاستئذان، باب: ما جاء في التسليم عند القيام وعند القعود، والإمام أحمد في "المسند" (2/ 230)، وابن حبان في "صحيحه" (496).
(¬1) رواه مسلم (2167)، كتاب: السلام، باب: النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام، وكيف يرد عليهم؟.
(¬2) انظر: "المجموع" للنووي (4/ 507 - 508)، و"فتح الباري" لابن حجر (11/ 39 - 40).
وهو مذهب الحنابلة، انظر: "المغني" لابن قدامة (9/ 295)، و"كشاف القناع" للبهوتي (3/ 129)، و"شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (1/ 664)، وانظر: أيضاً "مواهب الجليل" للحطاب (1/ 459).
(¬3) انظر: "المجموع" للنووي (4/ 508)، و"الأذكار" للنووي (ص 200)، و"فتح الباري" لابن حجر (11/ 46)، وهو مذهب الحنابلة، انظر: "الفروع" لابن مفلح (6/ 247)، و"كشاف القناع" للبهوتي (3/ 130).
(¬4) في "أ": "يسترده".
(¬5) انظر: "الموطأ" للإمام مالك (2/ 960).

الصفحة 71