كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 4)
جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31]، شَقَّقْنَ مُروطَهُنَّ فاخْتَمَرْنَ به (¬1).
* ثم استثنى اللهُ سبحانَهُ أصنافاً منَ الناسِ:
فاستَثْنى الزوجَ وكيرَهُ منَ المَحارمِ بالنَّسَبِ والمُصاهَرَةِ، وفَرَّقَ بينَهُم، وإن كانَ تفصيلُ الإبداءِ في حَقِّهِم مُخْتَلِفاً، فيجوزُ للزوجِ أن ينظرَ (¬2) إلى جميعِ بَدَنِها، ولا يَجوزُ للمَحْرَمِ إلَّا ما فوقَ السُرَّةِ وتَحْتَ الرُّكْبَةِ.
واستثنى أيضاً نساءَهُنَّ، فاقتضى الخطابُ بِمَفْهومه أنه لا يجوزُ لهنَّ أنْ يبدينَ زينتَهُنَّ لغيرِ نِسائهنَّ، وهُنَّ المُشْركاتُ غيرُ المؤمناتِ، وهو كذلكَ على الأَصَحِّ منَ الوَجْهَيْنِ (¬3)، واختارَ الغزاليُّ أنهنَّ كالمُسلماتِ (¬4)، وهو ضعيفٌ مُخالِفٌ للمفهوم (¬5)، ولِما رويَ عن عُمَرَ بنِ الخَطَّاب -رضيَ اللهُ تَعالى عنه - أنه كتبَ إلى أَبي عُبَيْدَةَ بْنِ الجَرَّاحِ: أَمَّا بَعْدُ، فإنه بَلَغَني أَنَّ نِساءً من نِساءِ المُسلمين يَدْخُلْنَ الحَمّاماتِ، ومعهنَّ نساءُ أهلِ الكتاب، فامنعْ ذلكَ، وحُلْ دُونَهُ (¬6).
وفي روايةٍ أُخْرى: فإنَّه لا يَحِلُّ لامرأةٍ تؤمنُ باللهِ واليومِ الآخِر أنْ ينظُرَ إلى عَوْرَتها إلَّا أَهْلُ مِلَّتِها (¬7).
¬__________
(¬1) رواه البخاري (4480)، كتاب: التفسير، باب: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}.
(¬2) في "ب": "النظر".
(¬3) انظر: "المغني" لابن قدامة (7/ 80)، و"التفسير الكبير" للرازي (23/ 176)، و"مغني المحتاج" للشربيني (3/ 131 - 132)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (12/ 233)، و"حاشية رد المحتار" لابن عابدين (6/ 371).
(¬4) انظر: "الوسيط" للغزالي (5/ 30).
(¬5) في "أ": "للعموم".
(¬6) رواه عبد الرزاق في "المصنف" (1136)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (7/ 95).
(¬7) رواه البيهقي في "السنن الكبرى" (7/ 95)، عن الحارث بن قيس.
الصفحة 79