كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 4)

وهذا قولُ ابنِ عباسٍ -رضي الله تعالى عنهما (¬1) -.
روى عليُّ بنُ أبي طَلْحَةَ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ في قوله: {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} [الحج: 25]، يقولُ: ينزلُ أهلُ مَكَّةَ وغيرُهم في المَسْجِدِ الحرام (¬2).
وذهب قومٌ إلى التأويل:
فقيل: سواءٌ في التَّفْضِيلِ والتَّعْظيمِ وإقامةِ النُّسُكِ فيه (¬3).
وقيل: في القِبْلَة.
وقيل: في الأَمْنِ.
وسببُ هذا الاختلافِ وقوعُ الخلافِ في بَيْع دُورِ مَكَّةَ وكِرائِها:
فمن أطلقَ المسجدَ الحَرامَ على الحَرَمِ، وحملَ اللفظَ على حقيقتِه في الاخْتِصاص بالمكانِ، منعَ بيعَ دُورِ مكةَ وكِراءَها، وتوريثَها (¬4).
ومن قالَ بخلافِ ذلكَ، جَوَّزَ بيعَها وكِراءها (¬5).
فإن قلتَ: فهل نجدُ دليلاً من الكتابِ والسُّنَّةِ يَصْرِفُ هذا اللَّفْظَ إلى أحدِ معانيه؟
¬__________
(¬1) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (1/ 90)، و"التفسير الكبير" للرازي (23/ 22)، و"معالم التنزيل" للبغوي (3/ 282).
(¬2) انظر: "تفسير ابن كثير" (3/ 215)، و"الدر المنثور" للسيوطي (6/ 26).
(¬3) وهو قول مجاهد وعطاء، انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (5/ 61).
(¬4) وهو قول مالك وأبي حنيفة، انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (5/ 154)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (12/ 33)، و"أحكام القرآن" للجصاص (61/ 5 - 62).
(¬5) وهْو قول الشافعي، انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (5/ 385 - 386)، و"الوسيط" للغزالي (7/ 42)، و"المجموع" للنووي (7/ 387)، و (9/ 235)، و"روضة الطالبين" للنووي (3/ 418).

الصفحة 8