* وفي الآيةِ دلالةٌ ظاهرةٌ على إثباتِ الولاية (¬1) للأَوْلياء؛ فإنَّ اللهَ سبحانَه لم يأمرهُمْ أن يفعلُوا شيئاً لا يستحقُّونه، ولو كانَتْ عُقْدَةُ النِّكاحِ بيدِ النساء، لما وردَ الأمرُ مضافاً إلا لهنَّ.
* وفي الآيةِ دلالةٌ على أنه لا ولايةَ للمؤمن على الأَيِّم الكافِرَةِ؛ لمفهومِ التقييد بنا، ولقوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: 73].
* وبينتِ السنَّةُ أيضاً أنه لا ولايةَ لِكافِرِ على مُسلمةٍ، فقد زَوَّجِ أبو سعيدِ بنُ العاصِ أُمَّ حبيبةَ بنتَ أبي سُفيانَ منَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وأبو سُفيان حَيٌّ؛ لأنها كانتْ مسلمةً يومئذٍ (¬2).
ويحتملُ أن التقييدَ مختصٌّ بوصفِ الأحرارِ؛ بدليلِ ذكرِ اللهِ سبحانَهُ للعبيدِ والإماءِ بعدَ التقييد.
* ثم أمرَنا اللهُ سبحانَهُ بإنكاحِ الصالحينَ منَ العبيدِ والإماءِ: فيحتمل أن يكونَ الأمرُ في هذا على الحَتْمِ، فيجبُ على الساداتِ تزويجُ العبيدِ الصالحين إذا طَلَبوا النكاحَ (¬3)؛ لما فيه من العِفَّةِ لهم، وتحصينِهم من الوقوعِ في الزنى، ودفعِ مَعَرَّةِ الشهوةِ عنهم.
ويحتملُ أن يكونَ على الاختيارِ والنَّدْبِ، وبهذا قالَ مالكٌ والشافعيُّ في الصحيحِ من قوليهِ (¬4)؛ لقوَّةِ التصرفِ في المملوكاتِ، ولأنه لا فرقٌ بينَهُمْ
¬__________
(¬1) في "أ": "الأولوية".
(¬2) تقدم تخريجه.
(¬3) وهو قول الحنفية والحنابلة، انظر: "المغني" لابن قدامة (7/ 43)، و"كشاف القناع" للبهوتي (5/ 489)، و"شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (2/ 634)، و"بدائع الصنائع" للكاساني (2/ 237).
(¬4) انظر: "مواهب الجليل" للحطاب (3/ 425)، و"القوانين الفقهية" لابن جزي (ص 133)، و"الأم" للشافعي (5/ 41)، و (5/ 142 - 143)، و"التفسير الكبير" للرازي (23/ 186).