روي عن ابنِ عباسٍ، وسعيدِ بنِ جُبيرٍ، ويحيى بنِ يعمرَ: أنهم قالوا: ثلاثُ آياتٍ من كتاب اللهِ لا يرى أحدٌ العملَ بها: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النور: 58] الآية، وقوله: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى} [النساء: 8] الآية، وقوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (¬1) [الحجرات: 13].
فقال أبو قِلابَةَ: الأمرُ فيها على النَّدْبِ والاستحبابِ (¬2).
وقال غيرُه: بل الأمرُ فيها للوجوب (¬3).
ثم اختلفَ هؤلاء:
فقال قومٌ: هي منسوخةٌ (¬4)، ويحكى عن ابن المسيِّبِ (¬5).
وذهبَ أكثرُهم إلى أنها محكمةٌ (¬6).
ثم اختلفَ هؤلاءِ أيضاً:
فقال قومٌ شُرِعَ هذا الحكمُ لمعنَى، وقد زالَ ذلكَ المعنى، فزالَ هذا الحُكْمُ لِزوالِه.
سئلَ ابنُ عباس -رضيَ اللهُ تَعالى عنهما- عن هذه الآية، فقال: لا يُعْمَلُ
¬__________
(¬1) رواه عبد الرزاق في "المصنف" (19419)، وابن جرير الطبري في "تفسيره" (4/ 264)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (8/ 2632).
(¬2) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (12/ 302).
(¬3) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (12/ 303).
(¬4) انظر: "ناسخ القرآن العزيز ومنسوخه" (ص: 43)، و"قلائد المرجان" (ص: 137).
(¬5) انظر: "الناسخ والمنسوخ" للنحاس (ص: 591).
(¬6) ممن قال بذلك القاسم بن محمد وجابر بن زيد والشعبي، انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (12/ 303).