كتاب التقاسيم والأنواع (اسم الجزء: 4)
ذِكْرُ الإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ لُزُومِ سُنَنِ الْمُصْطَفَى صَلى الله عَلَيه وسَلم، وَحِفْظِهِ نَفْسَهُ عَنْ كُلِّ مَنْ يَأْبَاهَا مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ، وَإِنْ حَسَّنُوا ذَلِكَ فِي عَيْنِهِ وَزَيَّنُوهُ.
٣٦٦٥ - أَخبَرنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعُمَرِيُّ بِالْمَوْصِلِ، حَدثنا مُعَلَّى بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم خَطًّا، فَقَالَ: "هَذَا سَبِيلُ اللهِ"، ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ قَالَ: "وَهَذِهِ سُبُلٌ، عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ"، ثُمَّ تَلَا: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ} [الأنعام: ١٥٣] إِلَى آخِرِ الآيَةِ. [٦]
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ كل مَنِ اعْتَرَضَ عَلَى السُّنَنِ بِالتَّأْوِيلَاتِ الْمُضْمَحِلَّةِ، وَلَمْ يَنْقَدْ لِقَبُولِهَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ.
٣٦٦٦ - أَخبَرنا أَبُو يَعْلَى، حَدثنا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدثنا جَرِيرٌ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نُعْمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: بَعَثَ عَلِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم مِنَ الْيَمَنِ بِذَهَبٍ فِي أَدَمٍ، فَقَسَمَهَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم بَيْنَ زَيْدِ الْخَيْلِ وَالأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ وَعُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ وَعَلْقَمَةَ بْنِ عُلَاثَةَ، فَقَالَ أُنَاسٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ: نَحْنُ أَحَقُّ بِهَذَا، فَبَلَغَهُ ذَلِكَ صَلى الله عَلَيه وسَلم فَشَقَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ: "أَلَا تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ، يَأْتِينِي خَبَرُ مَنْ فِي السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً؟ " فَقَامَ إِلَيْهِ نَاتِئُ الْعَيْنَيْنِ، مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ، نَاشِزُ الْوَجْهِ، كَثُّ اللِّحْيَةِ، مَحْلُوقُ الرَّأْسِ، مُشَمَّرُ الإِزَارِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، اتَّقِ اللهَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيه وسَلم: "أَوَلَسْتُ بِأَحَقِّ أَهْلِ الأَرْضِ أَنْ أَتَّقِيَ اللهَ؟ " ثُمَّ أَدْبَرَ.
فَقَامَ إِلَيْهِ خَالِدٌ سَيْفُ اللهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا أَضْرِبُ عُنُقَهُ؟ فَقَالَ: "لَا، إِنَّهُ لَعَلَّهُ يُصَلِّي"، قَالَ: إِنَّهُ رُبَّ مُصَلٍّ يَقُولُ بِلِسَانِهِ مَا لَيْسَ فِي قَلْبِهِ، قَالَ: "إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَشُقَّ قُلُوبَ النَّاسِ، وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ"، فَنَظَرَ إِلَيْهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم وَهُوَ مُقَفَّى، فَقَالَ: "إِنَّهُ سَيَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمٌ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ". قَالَ عُمَارَةُ: فَحَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: "لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ ثَمُودَ". [٢٥]
الصفحة 401