كتاب التقاسيم والأنواع (اسم الجزء: 4)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هَذَا الْخَبَرُ دَالٌ عَلَى أَنَّ قَوْلَ اللهِ جَلَّ وَعَلَا {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤] أَرَادَ بِهِ بَعْضَ الأَوْزَارِ لَا الْكُلَّ، إِذْ أَخْبَرَ الْمُبَيِّنُ عَنْ مُرَادِ اللهِ جَلَّ وَعَلَا فِي كِتَابِهِ أَنَّ مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، فَعَمِلَ بِهَا مَنْ بَعْدَهُ، كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ، فَكَأَنَّ اللهَ جَلَّ وَعَلَا قَالَ: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} إِلَاّ مَا أَخْبَرَكُمْ رَسُولِي صَلى الله عَلَيه وسَلم أَنَّهَا تَزِرُ، وَالْمُصْطَفَى صَلى الله عَلَيه وسَلم لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ، وَلَا خَصَّ عُمُومَ الْخِطَابِ بِهَذَا الْقَوْلِ إِلَاّ مِنَ اللهِ، شَهِدَ اللهُ لَهُ بِذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَاّ وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: ٣ - ٤] صَلى الله عَلَيه وسَلم، وَنَظِيرُ هَذَا قَوْلُهُ جَلَّ وَعَلَا: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: ٤١] فَهَذَا خِطَابٌ عَلَى الْعُمُومِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}، ثُمَّ قَالَ صَلى الله عَلَيه وسَلم: "مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً فَلَهُ سَلَبُهُ"، فَأَخْبَرَ صَلى الله عَلَيه وسَلم أَنَّ السَّلَبَ لَا يُخَمَّسُ وَأَنَّ القاتل يَكُونُ مُنْفَرِدًا بِهِ، فَهَذَا تَخْصِيصُ بَيَانٍ لِذَلِكَ الْعُمُومِ الْمُطْلَقِ. [٣٣٠٨]
ذِكْرُ الْحُكْمِ فِيمَنْ دَعَا إِلَى هُدًى أَوْ ضَلَالَةٍ فَاتُّبِعَ عَلَيْهِ.
٣٧٢٢ - أَخبَرنا أَبُو يَعْلَى، حَدثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْمَقَابِرِيُّ، حَدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنِي الْعَلَاءُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم، قَالَ: "مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا". [١١٢]
الصفحة 428