كتاب التقاسيم والأنواع (اسم الجزء: 4)

النوع العشرون
إخباره صلى الله عليه وسلم عن أشياء حكاها عن جبريل صلوات الله عليهما.
٣٧٥٧ - أَخبَرنا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ الْبُخَارِيُّ بِبَغْدَادَ، حَدثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ، حَدثنا عِمْرَانُ بْنُ أَبَانَ، حَدثنا مَالِكُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: صَعِدَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم الْمِنْبَرَ، فَلَمَّا رَقِيَ عَتَبَةً، قَالَ: "آمِينَ"، ثُمَّ رَقِيَ عَتَبَةً أُخْرَى، فقَالَ: "آمِينَ"، ثُمَّ رَقِيَ عَتَبَةً ثَالِثَةً، فقَالَ: "آمِينَ"، ثُمَّ قَالَ: "أَتَانِي جِبْرِيلُ فقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ، فَأَبْعَدَهُ اللهُ، قُلْتُ: آمِينَ، قَالَ: وَمَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا، فَدَخَلَ النَّارَ، فَأَبْعَدَهُ اللهُ، قُلْتُ: آمِينَ، فقَالَ: وَمَنْ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ، فَأَبْعَدَهُ اللهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ".
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: فِي هَذَا الْخَبَرِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَرْءَ قَد يُسْتَحَبُّ لَهُ تَرْكُ الاِنْتِصَارِ لِنَفْسِهِ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ الْمَرْءُ مِمَّنْ يُتَأَسى بِفِعْلِهِ، وَذَاكَ أَنَّ الْمُصْطَفَى صَلى الله عَلَيه وسَلم، لَمَّا قَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: "مَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ، فَأَبْعَدَهُ اللهُ"، بَادَرَ صَلى الله عَلَيه وسَلم، بِأَنْ قَالَ: "آمِينَ"، وَكَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: "وَمَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ، أَوْ أَحَدَهُمَا، فَدَخَلَ النَّارَ، فَأَبْعَدَهُ اللهُ" فَلَمَّا قَالَ لَهُ: "وَمَنْ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ فَأَبْعَدَهُ اللهُ" فَلَمْ يُبَادِرْ إِلَى قَوْلِهِ: "آمِينَ"، عِنْدَ وُجُودِ حَظِّ النَّفْسِ فِيهِ، حَتَّى، قَالَ جِبْرِيلُ: "قُلْ آمِينَ". قَالَ: "قُلْتُ: آمِينَ" أَرَادَ بِهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم التَّأَسِّي بِهِ فِي تَرْكِ الاِنْتِصَارِ لِلنَّفْسِ بِالنَّفْسِ، إِذِ اللهُ جَلَّ وَعَلَا هُوَ نَاصِرُ أَوْلِيَائِهِ فِي الدَّارَيْنِ، وَإِنْ كَرِهُوا نُصْرَةَ الأَنْفُسِ فِي الدُّنْيَا. [٤٠٩]

الصفحة 453