كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 4/ 1)

حكم، نظر في كتاب الله تعالى، فإن وجد فيه ما يقضي به، قضى به، وإن لم يجد في كتاب الله، نظر في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإن وجد فيها ما يقضي به، قضى به، فإن أعياه ذلك، سأل الناس: هل علمتم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى فيه بقضاء؟ فربما قام إليه القوم، فيقولون: قضى فيه بكذا وكذا، فإن لم يجد سنّة سنّها النبي - صلى الله عليه وسلم -، جمع رؤساء الناس فاستشارهم، فإذا اجتمع رأيهم على شيء، قضى به؛ وكان عمر يفعل ذلك.
والحديث الذي يرويه أحد الأئمة، ويصله بما ينبئ عن صحته، يسوغ للفقيه متى عرف مذهب الراوي في التعديل أن يعتمد على تصحيحه, ومن هذا القبيل ما يرويه البخاري ومسلم في "صحيحيهما". وأما ما يروى في الكتب التي لا تخلو من الضعيف، فلا بد له من النظر في سند الحديث، والبحث عن سيرة من يجهل حاله، حتى يكون على بينة من أمره.
* علوم اللغة العربية:
أخذنا في شروط المجتهد: أن يكون قائمًا على علوم اللغة العربية، بحيث يبلغ في فهم الكلام العربي مبلغ العرب الناشئين في الجاهلية أو في صدر الإِسلام.
قال أبو إسحاق الشاطبي: "لا غنى للمجتهد في الشريعة عن بلوغ درجة الاجتهاد في كلام العرب؛ بحيث يصير فهم خطابها طبعاً غير متكلف".
وقد يقع في خاطرك أن شرط الاجتهاد في اللسان العربي يجعل رتبة الاجتهاد في الشريعة بمنزلة المتعذر, فإنه يقتضي أن يسلك الفقيه في البحث عن معاني الألفاظ وأحكامها ووجوه بلاغتها الطرق التى سلكها أئمة تلك العلوم، ولا يكفيه أن يأخذ من "القاموس": أن النكاح - مثلاً - يطلق

الصفحة 11