كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 4/ 1)

طهارة أذيا لهن.
فاجتماع زوجين أو ثلاث أو أربع في عصمة رجل يعرف حقوقهنّ، ويقدر على كفاية حاجتهنّ، ويطيع الله في العدل بينهنّ، خير لأولئك الزوجات وللمجتمع من أن يقصر على واحدة، ويبقى من سواها عرضة لبذل ماء الوجه، أو الانحطاط إلى ما يدنس العرض.
ثم إن من مقاصد النكاح النسل، وفي تعدد الزوجات كثرة الولد التي ينمو بها عدد الأمة، ونماء عدد الأمة قوة تدرك بها عزتها، وتصل بها إلى أن تدبر أمرها بنفسها، ومن الحزم أن يعمل القوم لتكثير عددهم، ويحتاطوا لما يعرض للأقوام من الحروب الطاحنة، والأمراض العامة الفاتكة.
فتعدد الزوجات يتبعه النسل في الغالب، فإذا كان في الزوجة عقم، أو أصيبت بمرض يعوقها عن الحمل، أو بلغت سناً ينقطع به استعدادها للولادة، وجد الرجل من الزوجة الأخرى منبتاً خصباً.
يقول هؤلاء: إن في تعدد الزوجات ضرراً على المرأة، وإخلالاً بهناءة عيشها؛ حيث يسيئها أن تشاركها في زوجها قرينة أخرى، وهذا الاستياء مقتضى الغيرة التي تشب في قلب المرأة على قدر تعلّقها بزوجها.
فنقول: مُسَلَّم أن المرأة تحب بطبعها أن تنفرد بالزوج، وتكره أن يشاركها فيه امرأة أخرى، فإذا تزوج الرجل بثانية، فقد أتى بما تكرهه زوجه طبعاً، ويبقى معنا أن نعمد إلى هذه الكراهة المحفوفة بحسن معاشرة الرجل، وعدم إجحافه بحق من حقوقها، ونضعها في كفة، ثم نأتي إلى المصالح التي قد تدعو إلى تعدد الزوجات، ونضعها في الكفة الأخرى، فلا شك أننا متى أجرينا هذه الموازنة، ونحن مجردون من كل عاطفة وتقليد، رأينا رأي العين

الصفحة 255