كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 4/ 1)
أن كفة المصالح التي تستدعي إباحة تعدد الزوجات راجحة، وكفة كراهة المرأة لأن يشاركها في الزوج امرأة أخرى خفيفة طائشة، والتشريع الحكيم يقوم على رعاية المصالح الراجحة، ويقطع النظر عما يخالطها ويحدث عقبها من ضرر خفيف.
هذا ما نقرره عند النظر في حال الزوج الأولى، أما من تجيء بعدها، فقد عرفت أن للرجل زوجاً غيرها، ورضيت بالمشاركة، فلا وجه للنظر في حال كراهتها.
والخلاصة: أنه ليس في تعدد الزوجات ضرر يصح أن يعتد به الشارع الحكيم، أما الزوج الأولى، فإن استياعبها من المشاركة في الزوج يسقط عند النظر في المصالح التي تستدعي فتح باب التعدد على شرط العدل والمعاشرة بالمعروف. وأما الزوج الثانية، فقد عرفتْ أن للرجل زوجًا غيرها، ورغبت في الزواج به من تلقاء نفسها.
على أن الإسلام لم يسد على المرأة باب الاقتران بزوج تنفرد بالعيش معه متى شاءت ذلك، فلو أخذت على الرجل عند عقد نكاحها أنه إن تزوج عليها، فأمرُها، أو أمرُ الداخلة عليها يزيدها، كان هذا الشرط نافذاً، ولها إنْ تزوج بعدها، أن تطلّق نفسها، أو تطلَّق الزوج الثانية؛ عملاً بهذا الشرط.
ويقول هؤلاء: إن تعدد الزوجات يعود على ذرية الرجل بضرر، وهو ما يكون بين الإخوة الذين لا تلدهم أم واحدة من التجافي والشقاق، فيكون الرجل قد سعى في أن يكون بين أولاده تقاطع، وفي نظام أسرته اختلال.
فنقول في دفع هذا: إن الإسلام قد يشرع حكماً لا تتحقق حكمته في الخارج إلا بمراعاة أحكام أخرى ترتبط به ارتباط الأسباب بمسبباتها، فالإسلام
الصفحة 256
290