كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 4/ 1)

جائزاً، ففي أحوال خاصة، أو هو جائز على الإطلاق؟
جواب: رغب الشارع في النكاح، وأهم مقصد له من هذا الترغيب: تكثير النسل، وإبقاء النوع البشري، وإذا كان أهم ما يقصده الشارع من الزواج تكثير النسل، وعمارة الأرض، كان العمل لمنع الزوجة من الولادة على خلاف قصد الشارع، فهو إما مكروه، وإما حرام.
فالعزل - وهو أن يريق الرجل النطفة حال استمتاعه بزوجته، خارجَ موضع الاستمتاع - مكروه، فإن دعت إليه مصلحة؛ كأن يكون الزوجان في دار الحرب، صار مباحاً، ويقاس على العزل: استعمال دواء للمنع من الحمل، فهو مكروه، إلا أن تدعو إليه مصلحة؛ كأن يكون في الحمل ضرر على المرأة، أو على الولد من جهة الصحة، ويعرف هذا الضرر بتقرير عارف أمين، هذا ما يقوله كثير من الفقهاء، ووجه الكراهة ظاهر في نقص عدد الأمة وضعفها.
والواقع أن في استعمال الأدوية للمنع من الحمل مفسدةً ظاهرة لا ينبغي الاستهانة بها إلا حيث تدعو الضرورة إلى هذا المنع، ولو تتابع الناس على اتخاذ الوسائل إلى المنع من الولادة، لأدى الحال إلى انقطاع النسل أو قلته، فيتضاءل عدد الأمة، وتذهب قوتها أمام أعدائها، فيصير اتخاذ تلك الوسائل من الإلقاء بالنفوس والأوطان في تهلكة، وهذا مما ينظر إليه المحققون من المالكية حين نصوا على المنع من استعمال ما يبرد الرحم، ويفسد القوة التي يتأتى بها الحبل.
أما استخراج ما في الرحم بعد استقراره، فممنوع، ولا سيما بعد أن تنقلب النطفة إلى صورة إنسان، وهذا ما حققه الإمام الغزالي في "الإحياء"،

الصفحة 274