كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 4/ 1)

فقد دفعت هذه الغرائز المرأة في أسمى بيئة نسوية إلى تغليب العاطفة على مقتضى العقل والحكمة.
وآيات من سورة الأحزاب تشير إلى ما كان من نساء النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتطلعهن إلى زينة الدنيا ومتعتها، ومطالبتهن الرسول أن يغدق عليهن مما أفاء الله به عليه من الغنائم؛ حتى يعشن كما تعيش زوجات الملوك ورؤساء الأمم، لكن القرآن قد ردهن إلى مقتضى العدل والحكمة، من ذلك: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 28 - 29].
وآية أخرى من سورة التحريم تحدث عن غيرة بعض نسائه - عليه الصلاة والسلام -، وما كان لها من الأثر في تغليبهن العاطفة على العقل؛ مما جعلهن يدبرن ما يتظاهرن به على الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وقد ردهن القرآن إلى العبادة: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم: 4].
هذه هي المرأة في أسمى البيئات النسوية، لم تسلم من التأثر الشديد بدواعي العاطفة، ولم تنهض قوتها المعنوية على مغالبة نوازع الغيرة، مع كمال إيمانها، ونشأتها في بيت النبوة والوحي، فكيف بامرأة غيرها لم تؤمن إيمانها، ولم تنشأ نشأتها، وليس لها ما تطمع به أن تبلغ شأوها أو تقارب منزلتها؟!
فالحق: أن المرأة بأنوثتها عرضة للانحراف عن مقتضى الحكمة والاعتدال في الحكم، وهذا ما عبر عنه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بنقصان العقل، ورتب

الصفحة 287