كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 4/ 1)

وينكر المضارب، فالقول للمضارب؛ استصحاباً للأصل الذي هو عدم النهي. وهذا الضرب من الاستصحاب لا يخالف في العمل به أحد من أهل العلم، إلا أن يصرفه عنه دليل أظهر منه وأقوى.
تلك ثلاثة أضرب من الاستصحاب.
وهنا ضرب رابع منه، وهو أن يعلم ثبوت أمر عقلي أو حسي بإحدى طرق العلم، ثم يقع الشك في زواله، فيستصحب بقاؤه، وتجري الأحكام على هذا الاستصحاب حتى يحصل العلم أو الظن بزواله، ومن أمثلته الدائرة: أن يفقد شخص، فيقوم بعض من شأنه أن يرثه مدعيًا وفاته مطالباً بقسم ما ترك من مال، فترد دعواه بأن حياة ذلك الشخص كانت قبل الفقد معلومة، فتستصحب فيما بعد حتى يقوم الشاهد بوفاته.
وهذا الضرب من الاستصحاب يعمل عليه كثير من أئمة الفقه، وخالف في حجيته أئمة آخرون، وذهبوا فيه مذاهب وسعتها كتب الأصول بحثاً واستدلالاً.
تلك أربعة أضرب من الاستصحاب.
وهنا ضرب خامس يسمى: استصحاب الإجماع، وهو أن يكون الأمر بحالة، ويتفق فيه على حكم، ثم يتغير إلى حالة أخرى، فيستصحب حكم الإجماع في الأمر بعد تغيره حتى يقوم الدليل على أن له حكماً غير ما انعقد عليه الإجماع.
والمثال الذي يوضحه: مناظرة جرت بين أبي سعبد البردعي، وداود الظاهري في بيع أم الولد، قال داود الظاهري: قد اتفقنا على جواز بيعها قبل العلوق بالحمل، فمن زعم أن بيعها بعد الولادة لا يجوز، فعليه الدليل.

الصفحة 41