كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 4/ 1)

التي تثبت له أصل الملك، ذلك لأن العرف جار على أن الرجل لا يشاهد غيره يتصرف في ملكه هذه المدة الطويلة، ويسكت عنه. وكذلك أفتى الإِمام المازري فيما إذا جرت عادة قوم بقدر الصداق، وعرفها المتعاقدان أن هذه العادة بمنزلة التسمية، ويحكم بذلك القدر المتعارف، ولا يكون النكاح من قبيل نكاح التفويض.
هذا هو الشأن في العرف الفعلي العام لقوم أو أهل بلد، أما العرف الفعلي الخاص بفرد، فقد حكى شهاب الدين القرافي: الإجماع على عدم الاعتداد به، فلا تخصص به العمومات، ولا تقيد به المطلقات. وأنكر عليه بعض الفقهاء المالكية حكاية الإجماع، وأوردوا مسائل في المذهب تدل على التخصيص بالعوائد الفعلية، وإن كانت خاصة. ومما ساقه بعضهم مثالاً لهذا الضرب من العرف: مسألة الرجل يوكَّل آخر على شراء ثوب، فيشتر له ما لا يناسب عادته أو عادة خدمه، فقد أفتوا بأن ما اشترى غير لازم للموكل، بل هو لازم للوكيل.
ومثال العرف الجاري بالترك: تسامح الناس في ثمر الغصن الخارج عن حدود البساتين، فمن وجد شيئاً منه واقعًا على الطريق - مثلاً -, ساغ له الانتفاع به دون توقف على الإذن الصريح من صاحبه؛ لأن أصحاب البساتين يتسامحون في مثله، ولا يتعرضون لمن يلتقطه.
والعرف ثلاثة أقسام:
أحدها: ما يقوم الدليل الخاص على اعتباره؛ كمراعاة الكفاءة في النكاح.
ثانيها: ما يقوم الدليل على نفيه؛ كعادة الجاهلية في التبرج، وطوافهم

الصفحة 45