كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 4/ 1)

يشهد بصحة نقلها خلفاً عن السلف. ويغلب على الظن أنها كانت جارية في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬1).
وقد نبه ابن السبكي على ما قلنا من أن العادة لا تخصص العام بنفسه، فقال في "جمع الجوامع": "والأصح أن العادة بترك بعض الأمور تخصيص إن أقرها النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو الإجماع".
هذا أصل من الأصول التي يستند إليها المفتي أو القاضي في تفصيل أحكام الحوادث، فتجيء صالحة عادلة. وبمثل هذا الأصل يعلم أن الشريعة الإِسلامية ملائمة لكل زمان ومكان. وليست كما يزعم خالي الذهن من تعاليمها أنها ضيقة المجال، فلا تقي بأحكام الحوادث، أو أنها قديمة العهد، فلا تحفظ مصالح ما تجدد من الأزمان.
* سد الذرائع:
من أعمال الإنسان أو أقواله ما يشتمل على المفسدة بنفسه؛ كالغصب يحرم الإنسان من الانتفاع بماله، وكالقذف يلوث عرض البريء، ويسقط مكانته من النفوس.
ومن الأعمال أو الأقوال ما لا تنشأ عنه المفسدة مباشرة، بل يكون وسيلة إلى عمل أو قول فيه مفسدة؛ كمناولة السكين لمن يسفك بها دمًا معصومًا، فالمناولة في نفسها عارية عن المفسدة، وإنما هي وسيلة إلى ما فيه المفسدة، وهو سفك الدم بغير حق، وكدلالة الظالم على مكان شخص بريء يريد الظالم أن يناله بأذى، فليس في نفس الدلالة مفسدة تقع بوقوعها، وإنما
¬__________
(¬1) البحر "المحيط للزركشي".

الصفحة 51