كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 4/ 1)

المنكر، مع علمه بأنه سيحلف بالله كاذباً؛ إذ كان التحليف ذريعة إلى ظهور الحق في كثير من الأحيان، حيث يحمل المدعى عليه على الإقرار لأول الأمر، أو على الرجوع إليه بعد الإنكار، فهذه المسألة من المواضع التي أغمض فيها الشارع عن وجه الفساد، وفتح بها الذريعة إلى مصلحة ذات شأن خطير.
وملخص المقال: أن الشريعة الإِسلامية قد بنت كثيراً من أحكامها المنطوق بها في الكتاب والسنة على رعاية سد الذرائع، وقد استخلص الفقهاء من هذه الأحكام الكثيرة: أن من أصول الشريعة: سد ذرائع الفساد، واستمدوا من هذا الأصل أحكاماً حالوا بها بين الناس وبين ما يفضي إلى كثير من مواقع الفساد، فقاعدة سد الذرائع قاعدة محكمة، وفيها شاهد واضح على أن الشرع الإِسلامي صالح لكل زمان ومكان.
* المصالح المرسلة:
من اطمأن قلبه إيماناً بأن الشريعة وحي نزل بها الروح الأمين على أفضل الخليقة، لم يرتب في أنها قائمة على حكمة، وأن الخير في الاقتداء بها، والوقوف عند حدودها، يقطع بهذا كل من صادفت فيه دلائل النبوة فطرة سليمة، أو ألمعية ثاقبة، ويزيد المتفقه في الشريعة بعد هذا الاعتقاد الذي اقتضاه أصل الإيمان؛ أنه يرى حق اليقين كيف قامت أصولها، وفصلت أحكامها على رعاية المصالح في الحياتين: العاجلة، والاَجلة، ولم يختلف أهل العلم في أن كل حكم شرعي مربوط بحكمة، وأن الحكمة هي التي دعت إلى تقريره، ومرجع هذه الحكم إلى المصالح والمفاسد، ومن هذا الأصل الذي دلّ على أن الله تعالى قد شرع الأحكام على طريقة جلب المصالح

الصفحة 60