كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 4/ 1)

يقع فيه صاحب الزوجة الواحدة إذا عرض مانع من التمتع بها؛ مثل: المرض، والنفاس.
ومما يدخل في هذا السلك: قصة أمير الأندلس عبد الرحمن بن الحكم إذ باشر إحدى نسائه في رمضان، ثم ندم على ما فعل، وجمع الفقهاء، وسألهم عمَّا يكفِّر به، فقال له يحيى بن يحيى الليثي: تكفِّر بصوم شهرين متتابعين، فلما خرجوا، قال له بعض الفقهاء: لم لم تفته بمذهب مالك، وهو التخيير بين العتق والصيام والإطعام؟ فقال: لو فتحنا له هذا الباب، سهل عليه أن يباشر كل يوم، ويعتق رقبة، ولكن حملته على أصعب الأمور؛ لئلّا يعود.
وقد أقيمت هذه الفتوى على رعاية مصلحة لم يعتدّ بها الشارع، ففي حمل الملك على الصوم مصلحة منعه من اتباع الشهوات، ولكن الشارع ألغى هذه المصلحة مكتفياً بالنهي عن الإفطار، وتأثيم من يرتكبه، وجعل الكفارة العتق أو الإطعام أو الصيام من غير فرق بين الملك وغيره.
ويبقى النظر في المصالح التي لم يقم دليل على رعايتها أو على إلغائها، وهذه هي التي تسمّى: المصالح المرسلة، وقد اعتدّ بهذه المصالح كثير من الفقهاء، وبنوا بعض الفتاوى على رعايتها، والبخاري على بعض الألسنة والأقلام: أنها أصل من أصول المذهب المالكي، والواقع أن لها يداً في سائر المذاهب المعوَّل عليها, وللمالكية القسط الأوفر في استثمارها.
قال ابن دقيق العيد: الذي لا شك فيه: أن لمالك ترجيحاً على غيره من الفقهاء في هذا النوع، ويليه أحمد بن حنبل، ولا يكاد يخلو غيرهما عن اعتباره في الجملة، ولكن لهذين ترجيح في استعماله.
وقال البغدادي في "جنة الناظر": لا تظهر مخالفة الشافعي لمالك في

الصفحة 62