كتاب الرقة والبكاء لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

32 - حدثني محمد، قال: حدثني عمار بن عثمان، قال: حدثني حماد بن يحيى الأبح، قال: سمعت محمد بن واسع, ورأى رجلا يبكي, فقال: بلغنا أن الباكي مرحوم، فمن استطاع أن يبكي فليبك، فلمثل ما يقدم عليه فليبك له.
33 - حدثني محمد، قال: حدثنا مطرف, أبو المصعب، قال: حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، قال: سمعت أبا حازم يقول: بلغنا أن البكاء من خشية الله مفتاح لرحمته.
34 - وحدثني محمد، قال: حدثني يحيى بن عبد الحميد (1) الحماني، قال: سمعت ابن السماك يذكر عن المفضل بن مهلهل، قال: بلغني أن العبد إذا بكى من خشية الله, ملئت جوارحه نورا، واستبشرت ببكائه، وتداعت بعضها بعضا: ما هذا النور؟ فيقال لها: هذا غشيكم من نور البكاء.
__________
(1) [في المطبوع: بن عبد الله]
35 - حدثني محمد، قال: حدثني إسحاق بن منصور بن حيان الأسدي، قال: حدثنا محمد بن صبيح العجلي، قال: سمعت ابن ذر يقول: بلغني أن الباكي من خشيته يبدل الله مكان كل قطرة, أو دمعة تخرج من عينيه أمثال الجبال من النور في قلبه، ويزاد في قوته للعمل، ويطفأ بتلك المدامع بحور من نار.
36 - حدثني محمد، قال: حدثني حكيم بن جعفر، قال: سمعت سفيان بن عيينة يقول: البكاء من مفاتيح التوبة؛ ألا ترى أنه يرق فيندم؟.
37 - حدثني محمد، قال: حدثني نوح بن يحيى الزراد، قال: حدثني قثم العابد، عن حمزة الأعمى، قال: ذهبت أمي إلى الحسن، فقالت: يا أبا سعيد, ابني هذا قد أحببت أن يلزمك، فلعل الله أن ينفعه بك, قال: فكنت أختلف إليه، فقال لي يوما: يا بني, أدم الحزن على خير الآخرة, لعله أن يوصلك إليه، وابك في ساعات الخلوة, لعل مولاك يطلع عليك فيرحم عبرتك, فتكون من الفائزين, قال: وكنت أدخل عليه منزله وهو يبكي، وآتيه مع الناس وهو يبكي، وربما جئت وهو يصلي, فأسمع بكاءه ونحيبه, فقلت له يوما: يا أبا سعيد, إنك لتكثر من البكاء فبكى, ثم قال: يا بني, فما يصنع المؤمن إذا لم يبك؟ يا بني, إن البكاء داع إلى الرحمة، فإن استطعت أن لا تكون عمرك إلا باكيا فافعل، لعله يراك على حالة, فيرحمك بها، فإذا أنت قد نجوت من النار.

الصفحة 110