كتاب الرقة والبكاء لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

38 - حدثني محمد، قال: حدثنا عبيد الله بن محمد، عن إسماعيل بن ذكوان، قال: دخل إياس بن معاوية, وأبوه إلى مسجد فيه قاص يقص عليهم، فلم يبق أحد من القوم إلا بكى، غير إياس, وأبيه, فلما تفرقوا, قال معاوية بن قرة لابنه: أترانا شر أهل هذا المجلس؟ قال إياس: إنما هي رقة في القلوب، فكما تسرع إلى الدمعة, فكذلك تسرع إليها الفتنة, فقال معاوية: ما أدري ما تقول يا بني, غير أنهم قد تعجلوا الرقة, ورجاء الرحمة.
39 - حدثني محمد، قال: حدثنا أبو إسحاق الضرير، في قنطرة قرة, قال: حدثنا عبد ربه, أبو كعب، صاحب الحرير قال: كنا عند معاوية بن قرة، فذكر شيئا، فنحب رجل من ناحية المجلس، فقال له معاوية بن قرة: أعطاك الله أملك فيما بكيت عليه, قال: فارتجت الحلقة بالبكاء.
40 - وحدثني محمد، قال: حدثنا فهد بن حيان، قال: حدثنا أشرس الهذلي، قال: سمعت فرقدا السبخي يقول: قرأت في بعض الكتب: إن العبد إذا بكى من خشية الله, تحاتت عنه ذنوبه كيوم ولدته أمه, ولو أن عبدا جاء بجبال الأرض ذنوبا وآثاما, لوسعته الرحمة إذا بكى, وإن الباكي على الجنة لتشفع له الجنة إلى ربها, فتقول: يارب، أدخله الجنة كما بكى علي, وإن النار لتستجير له من ربها, فتقول: يا رب, أجره من النار, كما استجارك مني, وبكى خوفا من دخولي.

الصفحة 111