كتاب الرقة والبكاء لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

48 - حدثني محمد بن الحسين، قال: حدثني مهدي بن حفص، قال: سمعت أبا عبد الرحمن المغازلي، يقول: قال رجل ببلاد الشام في بعض تلك السواحل: لو بكى العابدون على الشفقة حتى لم يبق في أجسادهم جارحة إلا أدت ما فيها من الدم والودك دموعا جارية، وبقيت الأبدان يبسا خالية, تردد فيها الأرواح إشفاقا ووجلا من يوم تذهل كل مرضعة عما أرضعت، لكانوا محقوقين بذلك, ثم غشي عليه.
49 - حدثني محمد، قال: حدثني إبراهيم بن بكر الشيباني، عن عثمان بن عطاء الخراساني، عن أبيه، قال: كان أويس القرني يقف على موضع الحدادين، فينظر إليهم كيف ينفخون الكير، ويسمع صوت النار، فيصرخ، ثم يسقط، فيجتمع الناس عليه، فيقولون: مجنون, قال: وكان يأتي مزبلة بالكوفة قديمة، فيصعد عليها، فيجلس، ثم يبكي، حتى تأتيه الشمس، فينزل، فيتبعه الصبيان, حتى يأتي المسجد، فيدخل.
50 - حدثني أبو عقيل الأسدي، قال: حدثنا أبو أسامة، عن داود بن يزيد، عن البختري بن يزيد بن جارية الأنصاري، أن رجلا من العباد وقف على كير حداد, وقد كشف عنه، فجعل ينظر إليه ويبكي، قال: ثم شهق شهقة فمات.
51 - حدثني محمد بن الحسين، قال: حدثني خالد بن خداش، قال: حدثنا أبو عمر الصفار، عن مالك بن دينار، قال: دخلت مع الحسن السوق، فمر بالعطارين، فوجد تلك الرائحة، فبكى، ثم بكى، حتى خفت أن يغشى عليه, ثم قال: يا مالك, والله ما هو إلا حلول القرار من الدارين جميعا: الجنة, أو النار، ليس هناك منزل ثالث، من أخطأته والله الرحمة صار إلى عذاب الله, قال: ثم جعل يبكي, فلم يلبث بعد ذلك إلا يسيرا حتى مات.

الصفحة 114