كتاب الرقة والبكاء لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

55 - حدثني محمد، قال: حدثني مالك بن ضيغم، قال: حدثني مسمع بن عاصم، قال: بت أنا وعبد العزيز بن سلمان، وكلاب بن جري، وسلمان الأعرج على ساحل من بعض السواحل, فبكى كلاب, حتى خشيت أن يموت, ثم بكى عبد العزيز لبكائه, ثم بكى سلمان لبكائهم, وبكيت والله لبكائهم، لا أدري ما أبكاهم, فلما كان بعد، سألت عبد العزيز فقلت: يا أبا محمد, ما أبكاك ليلتك؟ فقال: إني والله نظرت إلى أمواج البحر تموج وتخيل، فذكرت أطباق النيران وزفراتها، فذلك الذي أبكاني, ثم سألت كلابا أيضا نحوا مما سألت عبد العزيز، فوالله لكأنما قصته, فقال لي مثل ذلك, ثم سألت سلمان الأعرج نحوا مما سألتهما، فقال لي: ما كان في القوم شر مني ما كان بكائي إلا لبكائهم، رحمة لهم مما كانوا يصنعون بأنفسهم.
56 - حدثني محمد، قال: حدثنا زيد بن الحباب، قال: حدثنا عبد ربه, أبو كعب، عن بكر بن عبد الله المزني: أن أبا موسى خطب الناس بالبصرة, فذكر في خطبته النار، فبكى حتى سقطت دموعه على المنبر، وبكى الناس يومئذ بكاء شديدا.
57 - حدثني محمد، قال: حدثنا يحيى بن حماد، قال: حدثنا أبو عوانة، عن سليمان, يعني الأعمش، عن شمر بن عطية، عن المغيرة بن سعد بن الأخرم، عن أبيه، قال: كنت أمشي مع عبد الله بن مسعود, فمر بالحدادين وقد أخرجوا حديدة من النار، فقام ينظر إليها ويبكي.
58 - وحدثني محمد، قال: حدثنا يحيى بن إسحاق، قال: حدثنا النضر بن إسماعيل، قال: مر الربيع بن أبي راشد برجل به زمانة، فجلس يحمد الله ويبكي, فمر به رجل، فقال: ما يبكيك رحمك الله؟ قال: ذكرت أهل الجنة, وأهل النار، فشبهت أهل الجنة بأهل العافية، وأهل البلاء بأهل النار، فذلك الذي أبكاني.

الصفحة 116