كتاب الرقة والبكاء لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

59 - حدثني محمد، قال: حدثني موسى بن داود، قال: حدثنا النضر بن إسماعيل، عن ابن أبي الذباب: أن طلحة، وزبيرا، مرا بكير حداد، فوقفا ينظران إليه ويبكيان قال: ومرا بأصحاب الفاكهة والرياحين، فوقفا يبكيان ويسالأن الله الجنة.
60 - قال النضر: وحدثنا الأعمش، أن الربيع بن خثيم مر في الحدادين، فنظر في كير، فصعق.
61 - حدثني محمد، قال: حدثنا يحيى بن بسطام، قال: حدثنا عبد العزيز بن علي الصراف، أن حسان بن أبي سنان قدم له سكر من الأهواز, فربح فيه مالا كثيرا، فدخل عليه قوم من إخوانه يهنؤونه بذلك، فوجدوه في ناحية الحجرة يبكي، فقالوا: يا عبد الله, هذه نعمة من الله عليك، ففيم البكاء؟ قال: إني خشيت والله أن يكون ذلك سكرا، فاستدراجا, وإني أستغفر الله من نسياني ما ذكرني به ربي، ومن غفلتنا عن ذلك.
62 - حدثني محمد، قال: حدثنا عبيد الله بن محمد، قال: حدثنا عبد الرحمن بن حفص القرشي، قال: بعث بعض الأمراء إلى عمر بن المنكدر بمال، فجاء به الرسول، فوضعه بين يديه، فجعل عمر ينظر إليه ويبكي, ثم جاء أبو بكر، فلما رأى عمر يبكي، جلس يبكي لبكائه, ثم جاء محمد، فجلس يبكي لبكائهما, فاشتد بكاؤهم جميعا, فبكى الرسول أيضا لبكائهم, ثم أرسل إلى صاحبه، فأخبره بذلك, فأرسل ربيعة بن أبي عبد الرحمن يستعلم علم ذلك البكاء, فجاء ربيعة، فذكر ذلك لمحمد، فقال محمد: سله، فهو أعلم ببكائه مني, فاستأذن عليه ربيعة، فقال: يا أخي, ما الذي أبكاك من صلة الأمير لك؟ قال: إني والله خشيت أن تغلب الدنيا على قلبي, فلا يكون للآخرة فيه نصيب، فذاك الذي أبكاني, قال: فأمر بالمال، فتصدق به على فقراء أهل المدينة, فجاء ربيعة، فأخبر الأمير بذلك، فبكى, وقال: هكذا والله يكون الخير.

الصفحة 117