كتاب الرقة والبكاء لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

67 - حدثني محمد، قال: حدثني حكيم بن جعفر السعدي، قال: قال لي أبو عبد الله البراثي: لا تندى العين حتى يحترق القلب، فإذا احترق القلب تلهب شغفه, فهاج إلى الرأس دخانه، فاستنزل الدموع من الشؤون إلى العين فسجمته.
68 - حدثني محمد، قال: حدثني مالك بن ضيغم الراسبي، عن أبيه، قال: كان يقال: إن كثرة الدموع وقلتها على قدر احتراق القلب، حتى إذا احترق القلب كله, لم يشأ الحزين أن يبكي إلا بكى، والقليل من التذكرة يجزئه.
69 - حدثني محمد، قال: حدثني حكيم بن جعفر، عن مسمع بن عاصم، قال: سألت عابدا من أهل البحرين فقلت: ما بال الحزين يجيبه قلبه إذا شاء, وتهمل عيناه عند كل حركة؟ فقال: أخبرك عن ذاك: إن الحزين بدا به الحزن، فجال في بدنه، فأعطاه كل عضو بقسطه، ثم رجع إلى القلب والرأس فسكنهما، فمتى حرك القلب بشيء تحرك، فهاجت الحرقة مصاعدة، فاستثارت الدموع من شؤون الرأس حتى تسلمها إلى العين، فتذريها حينئذ الجفون, ثم خنقته عبرته فقام.
70 - حدثني محمد، قال: حدثني أحمد بن سهل، قال: قال لي أبو معاوية الأسود: يا أبا علي, من أكثر لله الصدق نديت عيناه، وأجابته إذا دعاهما.
71 - حدثني محمد، قال: حدثني راهويه, أبو سهل، قال: قلت لسفيان بن عيينة: ألا ترى إلى أبي علي, يعني فضيلا, لا تكاد تجف له دمعة؟ فقال سفيان: إذا قرح القلب نديت العينان, ثم تنفس سفيان نفسا منكرا.
72 - حدثني محمد بن عباد المكي، عن سفيان بن عيينة، عن إسماعيل بن عياش، قال: البكاء من سبع: البكاء من خشية الله: القطرة منه تكف من النار أمثال البحور، ورجل فاضت عيناه من خشية الله، والبكاء من السرور، والبكاء من الكرب، والبكاء من السكر، والبكاء من الخوف، والبكاء من الألم.

الصفحة 119