كتاب الرقة والبكاء لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

106 - حدثني محمد، قال: حدثنا بدل بن المحبر، قال: حدثنا جسر, أبو جعفر، قال: رأيت عمر بن عبد العزيز بخناصرة يصعد المنبر, وإن لحيته لتقاطر دموعا, ثم رأيته بعد أن نزل, وإنه لعلى نحو من حاله التي صعد عليها من البكاء.
107 - حدثني محمد، قال: حدثنا يونس بن يحيى الأموي, أبو نباتة، قال: حدثني الحجاج بن صفوان بن أبي يزيد، قال: حدثني رجل من أهل المدينة، عن أبيه, أنه قدم مع محمد بن كعب القرظي على عمر بن عبد العزيز, قال: وكان فيما ذاكرنا به عمر, أن قال لمحمد: يا أبا حمزة, ما ضر أخاك بسر بن سعيد التقلل والانقطاع الذي كان فيه؟ قال: ثم بكى بكاء شديدا، حتى قلت: الآن يسقط, ثم قال: أما والله لئن كان بسر صبر على القلة والعبادة، لقد صبر على معرفة وعلم بما صبر عليه.
108 - حدثني محمد، قال: حدثنا خلف بن تميم، قال: حدثنا أبو رجاء الهروي، عن أبي بكر الهذلي، قال: رأيت الحجاج يخطب على المنبر، فسمعته يقول: يا أيها الناس, إنكم غدا موقوفون بين يدي الله، ومسئولون، فليتق الله امرؤ، ولينظر ما يعد لذلك الموقف؛ فإنه موقف يخسر فيه المبطلون، وتذهل فيه العقول، ويرجع الأمر فيه إلى الله؛ لتجزى كل نفس بما كسبت، إن الله سريع الحساب، بادروا آجالكم بأعمالكم, قبل أن تخترموا دون آمالكم, ثم نحب وهو على المنبر، فرأيت دموعه تنحدر على لحيته.
109 - حدثني عبد الرحمن بن صالح، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي سعد، قال: خطبنا الحجاج فقال: ابن آدم, أنت اليوم تأكل, وغدا تؤكل, ثم تلا: {كل نفس ذائقة الموت} ثم بكى، حتى جعل يتلقى دموعه بعمامته.

الصفحة 129