كتاب الرقة والبكاء لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

110 - قال أبو بكر: وأما أبو كريب فقال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي سعد، قال: سمعت الحجاج يخطب يوما وهو على المنبر يقول: يا ابن آدم, بينما أنت في دارك وقرارك، إذ تسور عليك عبد يدعى ملك الموت، فوضع يده من جسدك موضعا، فذل له، فاختلس روحك، فأخذه، فذهب به, ثم قام إليك أهلك، فغسلوك وكفنوك، ثم حملوك إلى قبرك, فدفنوك، ثم رجعوا، فاختصم فيك حبيباك: حبيبك من أهلك, وحبيبك من مالك, فاتق الله؛ فإنك اليوم تأكل, وغدا تؤكل, قال أبو سعد: ثم نعر نعرة، فظننت أنه الموت به, ثم نظرت إلى عينيه تسكبان، حتى نظرت إليه يتلقى دموعه بعمامته، ثم ينزل، فيفتل, قال: وصعد المنبر، فاستسقى، وقد استسقى قبل, قال: فلما كان في ذلك اليوم استسقى، فلا والله ما نزل عن المنبر حتى مطر, فاستقبل القبلة وصلى، وسقط رداؤه, قال: وبكى لما أجيب، ثم أقبل بوجهه, فقال: أيها الناس، إن العبد يسأل ربه الحاجة, وطلبها إليه، ومن أمر ربه أن يجيبه فيها، فيطول الله عليه؛ ليكون إذا أعطاها إياه أشد لشكره، وإني أقسمت عليكم بالله لما صمتم شكرا ثلاثا، ثم خرج.
- من وُعظ فاستمع الموعظة وبكى
111 - حدثني أبو حاتم الرازي، قال: حدثنا عاصم بن علي، قال: حدثنا عكرمة بن عمار، عن عبد الله بن عبيد بن عمير: أن أباه كان يقص لابن الزبير، وابن عمر قاعد ناحية، فقرأ: {لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا} فبكى ابن عمر, حتى لثق جيبه من دموعه، وابتلت لحيته.

الصفحة 130