كتاب الرقة والبكاء لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

121 - حدثني محمد، قال: حدثني أبو جعفر الضرير، قال: قال لي صالح بن عبد الكريم:
بكى الباكون للرحمن ليلا... وباتوا دمعهم ما يسأمونا
بقاع الأرض من شوق إليهم... تحن متى عليها يسجدونا
قال: فجعلت أرددها عليه، فبكى، حتى قلت: الآن تخرج نفسه.
122 - حدثني محمد، قال: حدثني الصلت بن حكيم، قال: بتنا ذات ليلة عند صاحب لنا, ومعنا أبو عبد الرحمن، فجعل بعض قرائنا تلك الليلة يقول:
وما لي لا أبكي على الذنب إنني... أرى الذنب داء في الجوانح والقلب.
123 - وحدثني أزهر بن مروان الرقاشي، قال: حدثنا موسى بن المغيرة، قال: سمعت رياح بن عبيدة الباهلي، قال: كنت قاعدا عند عمر بن عبد العزيز، فجاء أعرابي, فقال: يا أمير المؤمنين، جاءت بي الحاجة، وانتهيت الغاية، والله سائلك عني يوم القيامة, قال: ويحك أعد علي, فأعاد عليه، فنكس عمر رأسه، وأرسل دموعه، حتى ابتلت الأرض, ثم رفع رأسه, فقال: ويحك, كم أنتم؟ قال: أنا وثلاث بنات لي, ففرض له على ثلاثمائة، وفرض لبناته على مائة، وأعطاه مائة درهم، وقال له: هذه المائة أعطيتك من مالي، ليس من أموال المسلمين, اذهب, فاستنفقها, حتى تخرج أعطيات المسلمين فتأخذ معهم.
124 - حدثني عيسى بن عبد الله، قال: أخبرني فياض بن محمد الرقي، عن عبيدة بن حسان السنجاري، أن رجلا من أهل أذربيجان أتى عمر بن عبد العزيز، فقام بين يديه, فقال: يا أمير المؤمنين, اذكر بمقامي هذا مقاما لا تشغل الله عنك فيه كثرة من يخاصم من الخلائق, يوم تلقاه بلا ثقة من العمل، ولا براءة من الذنب, فبكى عمر بكاء شديدا، ثم قال: ويحك, اردد علي كلامك هذا, فجعل يردده، وعمر يبكي, وينتحب، ثم قال: حاجتك، قال: إن عامل أذربيجان عدا علي, فأخذ مني اثني عشر ألف درهم، فجعلها في بيت مال المسلمين, فقال عمر: اكتبوا له الساعة إلى عاملها حتى ترد عليه.

الصفحة 133