كتاب الرقة والبكاء لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

168 - حدثنا علي بن الجعد الجوهري، قال: أخبرنا شريك، عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الرحمن بن عبد الله، قال: قال لي أبي: اتق ربك، وليسعك بيتك، واملك عليك لسانك، وابك من ذكر خطيئتك.
169 - حدثني محمد بن الحسين، قال: حدثني عمار بن عثمان الحلبي، قال: حدثني مسمع بن عاصم، قال: انطلقت أنا وعبد العزيز بن سلمان إلى ناشرة بن سعيد الحنفي, وكان قد بكى حتى أظلمت عيناه, فاستأذنا عليه، فأذن لنا, فدخلنا عليه، فسلم عليه عبد العزيز، فقال له ناشرة: أبو محمد؟ قال: نعم, قال: ما جاء بك؟ قال: جئنا لتبكي ونبكي معك على ما تقدم من سالف الذنوب, قال: فشهق شهقة خر مغشيا عليه, وجلس عبد العزيز يبكي عند رأسه, وتنادى أهله، فجعلوا يبكون حوله, وهو صريع بينهم, فلما رأيت البكاء قد كثر، انسللت فخرجت.
170 - حدثني محمد بن الحسين، قال: حدثني عبيد الله بن محمد التيمي، قال: حدثني سلمة بن سعيد، عن بعض رجاله، أن زيادًا ضحك ذات يوم, حتى علا صوته، ثم قال: أستغفر الله, وبكى بكاء شديدا, فقال له جلساؤه بعد ذلك المجلس: ما رأينا أصلح الله الأمير بكاء في إثر ضحك أسرع من بكائك بالأمس, قال: إني والله ذكرت ذنبا أذنبته، كنت به حينئذ مسرورا، فذكرته، فبكيت خوفا من عاقبته, ثم بكى أيضا.
171 - حدثني محمد، قال: حدثني يحيى بن راشد، قال: حدثني محمد بن الحارث بن عبد ربه القيسي، وكان قرابة لرياح القيسي, قال: كنت أدخل عليه المسجد وهو يبكي، وأدخل عليه بيته وهو يبكي، وآتيه في الجبان وهو يبكي, فقلت له يوما: أنت دهرك في مأتم؟ قال: فبكى، ثم قال: يحق لأهل المصائب والذنوب أن يكونوا هكذا.

الصفحة 142