كتاب الرقة والبكاء لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

172 - حدثني محمد، قال: حدثني موسى بن عيسى، قال: نظر حذيفة المرعشي إلى رجل وهو يبكي, فقال: ما يبكيك يا فتى؟ قال: ذكرت ذنوبا سلفت, فبكيت, قال: فبكى حذيفة, ثم قال: نعم يا أخي, فلمثل الذنوب فليبك, ثم أخذ بيده، فتنحيا، فجعلا يبكيان.
173 - حدثني محمد، قال: حدثني عبيد الله بن موسى، قال: كنا عند حسن بن صالح يوما، فذكر شيئا، فرق، فبكى رجل، فارتفع صوته، وعلا بكاؤه، فقال رجل من القوم: نعم والله يا أخي, فابك هكذا على نفسك، فما خير من لا يرحم نفسه؟ قال عبيد الله: فكنت أسمع الحسن بعد ذلك كثيرا يردد هذه الكلمة: ما خير من لا يرحم نفسه, قال: فظننت أنه أعجب بها حين سمعها يومئذ.
174 - حدثني محمد، قال: حدثنا قبيصة، عن قيس بن سليم العنبري، قال: كان الضحاك بن مزاحم إذا أمسى بكى، فقيل له: ما يبكيك؟ قال: لا أدري ما صعد اليوم من عملي.
175 - حدثني محمد، قال: حدثنا عبيد الله بن محمد التيمي، قال: حدثني زهير السلولي، قال: كان رجل من بلعنبر قد لهج بالبكاء، وكان لا تراه إلا باكيا, قال: فعاتبه رجل من إخوانه يوما, فقال: لم تبكي رحمك الله هذا البكاء الطويل؟ فبكى, ثم قال:
بكيت على الذنوب لعظم جرمي... وحق لكل من يعصي البكاء
فلو كان البكاء يرد همي... لأسعدت الدموعَ معا دماء
ثم بكى حتى غشي عليه، فقام الرجل عنه وتركه.

الصفحة 143