كتاب الرقة والبكاء لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

176 - وحدثني محمد، قال: حدثني عبيد الله بن محمد التيمي، قال: حدثنا محمد بن مسلم، مولى بني ليث قال: ذكرنا يوما العفو, ومعنا حوشب بن مسلم, وكان من البكائين عند الذكر, فبكى حتى لطى بالأرض, ثم رفع رأسه, فقال: يا إخوتاه بعد كم؟.
177 - وحدثني محمد بن عمر بن علي المقدمي، وغيره، عن سعيد بن عامر، عن خشيش, أبي محرز, قال: أبو عمران الجوني: هبك تنجو، بعد كم تنجو؟.
178 - حدثنا أحمد بن سعيد الدرامي، قال: حدثنا إسحاق بن منصور، عن عقبة بن إسحاق، عن مالك, يعني ابن مغول، عن طلحة, يعني ابن مصرف قال: كان رجل له ذنوب، فكان له عند كل ذنب منها بكية, قال: فقال له غلامه: إن كان هذا دأبك, فإني سأقودك أعمى.
179 - حدثني محمد بن الحسين، قال: حدثني مهدي بن حفص، قال: سمعت أبا عبد الرحمن المغازلي يقول: قال رجل ببعض بلاد الشام في بعض السواحل: لو بكى العابدون على الشفقة حتى لم يبق في أجسادهم جارحة إلا أدت ما فيها من الدم والودك دموعا جارية، وبقيت الأبدان يبسًا خالية، تردد فيها الأرواح إشفاقا ووجلاً من يوم تذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت، لكانوا محقوقين بذلك, ثم غشي عليه.
180 - حدثني محمد، قال: حدثني سعيد بن عبد الرحمن النصيبي، وكان جارًا لأبي سليمان دويد اللبان قال: كان أبو سليمان يبكي عامة دهره, قال: وسمعته يوما يقول, وكان كثيرا ما يردد هذا الكلام: ابكوا الذنوب قبل محل بكائها، وفرغوا القلوب إلا من شغل حسابها، فحري إن كنتم كذلك أن تدركوا فوات ما قد فات لشؤم التفريط، بالإنابة والمراجعة, والإخلاص للرب الكريم, وكان يبكي ويقول: وجدناه أكرم مولى لشر عبيد, قال: ثم يبكي ويبكي.

الصفحة 144