كتاب الرقة والبكاء لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

189 - حدثني محمد، قال: حدثنا إسحاق بن منصور السلولي، قال: سمعت أبا بكر بن عياش يقول: بكى منصور حتى جردت عيناه, وكان يقوم الليل, ويصوم النهار، فكانت أمه ترى بكاءه وما يصنع بنفسه، فتقول له: يا بني, لو كنت قتلت قتيلا لما زدت على هذا.
190 - حدثني محمد، عن قبيصة، قال: كانت عينا مالك بن مغول رطبة جدا وكان يقال في ذلك الزمان: إنه طويل البكاء, قال: وربما رأيته يحدث والدموع على لحيته جارية.
191 - حدثني محمد، قال: حدثني صدقة بن بكر السعدي، قال: سمعت كلاب بن جري يقول: رأيت شابا ببيت المقدس قد عمش من طول البكاء, فقلت له: يا فتى, كم تكون العين سليمة على هذا؟ فبكى, ثم قال: كم شاء ربي فلتكن، وإن شاء سيدي فلتذهب, فليست بأكرم علي من بدني, إنما أبكي رجاء الفرح والسرور في الآخرة؛ وإن تكن الأخرى فهو والله شقاء الآخرة, وحزن الأبد، والأمر الذي كنت أخافه, وأحذره على نفسي، وأني أحتسب على الله غفلتي عن نفسي, وتقصيري في حظي, ثم غشي عليه.
192 - وحدثني محمد قال: حدثني صدقة بن بكر قال:
سمعت معاذ بن زياد التميمي يذكر أن فتى من الأزد بكى حتى أطلع بصره, فعوتب في ذلك فقال:
ألم يرث البكاء أناس صدق... فقادهم البكا خير المعاد؟
ألم يقل الإله: إلي عبدي... فكل الخير عندي في المعاد؟
والله لأبكين دائم الدنيا، فإذا جاءت الآخرة فعند الله أحتسب مصيبتي في تقصيري.

الصفحة 147