كتاب الرقة والبكاء لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

250 - حدثني محمد، قال: حدثني عبد السلام بن مطهر، قال: حدثني رجل, يكنى: أبا حمزة, قال: كنت أمشي مع رياح القيسي، فمر بصبي يبكي، فوقف عليه يسأله: ما يبكيك يا بني؟ وجعل الصبي لا يحسن يجيبه، ولا يرد عليه شيئا, فبكى، ثم التفت إلي, فقال: يا أبا حمزة, ما لأهل النار راحة ولا معول إلا البكاء, وجعل يبكي.
251 - حدثني محمد، قال: حدثني عمار بن عثمان، قال: حدثنا محمد بن فروخ، من ولد أبي نضرة, قال: زارني رياح القيسي، فبكى صبي لنا من الليل، فبكى رياح لبكائه حتى أصبح, فذاكرته يوما ذلك، فقال: ذكرت ببكائه بكاء أهل النار في النار، ليس لهم نصير, ثم بكى.
252 - حدثني محمد، قال: حدثني محمد بن يزيد بن خنيس، قال: ما رأيت أحدا قط أسرع دمعة من سعيد بن السائب. إنما كان يجزئه أن يحرك, فترى دموعه كالقطر.
253 - حدثني محمد، قال: حدثني يوسف بن الحكم الرقي، عن فياض بن محمد بن سنان القرشي، قال: جعل زياد الأسود العبد يبكي يوما، فقال له ميمون بن مهران: كم تبكي ويحك يا زياد؟ قال: يا أبا أيوب, وما لي لا أبكي؟ أبكي والله أبدا لعلي.... من البكاء في القيامة غدا, قال: فبكى ميمون بن مهران عند ذلك بكاء شديدا.
254 - حدثني محمد، قال: حدثني سجف بن منظور، قال: حدثنا سرار, أبو عبيدة، قال: قالت لي امرأة عطاء السليمي: عاتب عطاء في كثرة البكاء، فعاتبته, فقال لي: يا سرار, كيف تعاتبني في شيء ليس هو إلي؟ إني إذا ذكرت أهل النار وما ينزل بهم من عذاب الله وعقابه، تمثلت لي نفسي بهم، فكيف بنفس تغل يدها إلى عنقها, وتسحب إلى النار, ألا تصيح وتبكي؟ وكيف لنفس تعذب ألا تبكي, ويحك يا سرار, ما أقل غناء البكاء عن أهله إن لم يرحمهم الله, قال: فسكت عنه.

الصفحة 159