كتاب الرقة والبكاء لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

267 - قال عمر: قال أبي: كنت أرى ورادا العجلي يأتي المسجد مقنع الرأس، فيعتزل ناحية، فلا يزال مصليا وداعيا وباكيا كم شاء الله من النهار, ثم يخرج, ثم يعود فيصلي الظهر, فهو كذلك بين صلاة ودعاء وبكاء, حتى يصلي العشاء, ثم يخرج لا يكلم أحدا، ولا يجلس إلى أحد, فسألت عنه رجلاً من حيه، ووصفته له، قلت: شاب من صفته، من هيئته, قال: بخ يا أبا عمر, تدري عمن تسأل؟ ذاك ورَّاد العجلي, الذي عاهد الله أن لا يضحك حتى ينظر إلى وجه رب العالمين, قال أبي: فكنت إذا رأيته بعد هبته.
268 - حدثني محمد، قال: حدثني عمر بن حفص، قال: حدثني سكين بن مكين، رجل من بني عجل, قال: كانت بيننا وبينه قرابة, يعني ورادا, فسألت أختا له, كانت أصغر منه, قال: قلت: كيف كان ليله؟ قالت: بكاء عامة الليل وتضرع, قلت: فما كان طعمه؟ قالت: قرص في أول الليل، وقرص في آخره عند السحر, قلت: فتحفظين من دعائه شيئا؟ قالت: نعم، كان إذا كان، أو قريب من طلوع الفجر، سجد، ثم بكى، ثم قال: مولاي, عبدك يحب الاتصال بطاعتك، فأعنه عليها بتوفيقك أيها المنان, مولاي, عبدك يحب اجتناب سخطك, فأعنه على ذلك بمنك عليه أيها المنان, مولاي, عبدك عظيم الرجاء لخيرك، فلا تقطع رجاءه يوم يفرح بخيرك الفائزون, قالت: فلا يزال على هذا ونحوه حتى يصبح, قالت: وكان قد كل من الاجتهاد، وتغير لونه جدا.

الصفحة 163