كتاب الرقة والبكاء لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

186 - حدثني محمد, قال: حدثني الصلت بن حكيم، عن النضر بن إسماعيل، عن عمر بن ذر, قال: قلت لأسيد الضبي: قد أفسد البكاء عينيك, قال: فمه؟ قلت: لو قصرت قليلا. قال: ولم؟ أأتاني أمان من الله من دخول النار؟ قال: ثم غشي عليه.
272 - حدثني محمد، قال: حدثني معاوية بن عمرو، قال: كان بهيم رجلاً طوالا، شديد الأدمة، إذا رأيته رأيت رجلا حزينا.
273 - حدثني محمد، قال: حدثني عبد العزيز بن يحيى الأويسي، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، قال: خرج عطاء بن يسار, وسليمان بن يسار حاجين من المدينة, ومعهم أصحاب لهم، حتى إذا كانوا بالأبواء, نزلوا منزلا، فانطلق سليمان وأصحابه لبعض حاجتهم، وبقي عطاء بن يسار قائما في المنزل يصلي, فدخلت عليه امرأة من الأعراب جميلة، فلما رآها ظن أن لها حاجة, فأوجز في صلاته, ثم قال: ألك حاجة؟ قالت: نعم, قال: ما هي؟ قالت: قم فأصب مني, فإني قد ودقت ولا بعل لي, فقال: إليك عني، لا تحرقيني ونفسك بالنار, ونظر إلى امرأة جميلة، فجعلت تراوده عن نفسه، وتأبى إلا ما تريد, قال: فجعل عطاء يبكي ويقول: ويحك, إليك عني, إليك عني, قال: واشتد بكاؤه, فلما نظرت المرأة إليه, وما داخله من البكاء والجزع، بكت المرأة لبكائه, فجعل يبكي، والمرأة بين يديه تبكي, فبينما هو كذلك، إذ جاء سليمان من حاجته, فلما نظر إلى عطاء يبكي، والمرأة بين يديه تبكي، جلس يبكي في ناحية البيت لبكائهما, لا يدري ما أبكاهما, وجعل أصحابهما يأتون رجلا رجلا، كلما أتى رجل فرآهم يبكون، جلس يبكي لبكائهم، لا يسألونهم عن أمرهم، حتى كثر البكاء وعلا الصوت, فلما رأت الأعرابية ذلك، قامت فخرجت, قال: وقام القوم فدخلوا, فلبث سليمان بعد ذلك وهو لا يسأل أخاه عن قصة المرأة إجلالا له وهيبة, قال: وكان أسن منه, قال: ثم إنهما قدما مصرا لبعض حاجتهما، فلبثا بها ما شاء الله, فبينا عطاء ذات ليلة نائم، إذ استيقظ وهو يبكي, فقال له سليمان: ما يبكيك أي أخي؟ قال: فاشتد بكاؤه, قال: ما يبكيك يا أخي؟ قال: رؤيا رأيتها الليلة, قال: وما هي؟ قال: لا تخبر بها أحدا ما دمت حيا, قال: وذاك, قال: رأيت يوسف النبي صلى الله عليه وسلم، فجئت أنظر إليه فيمن ينظر, فلما رأيت حسنه, بكيت, فنظر إلي في الناس, فقال: ما يبكيك أيها الرجل؟ قلت: بأبي أنت وأمي، ذكرتك وامرأة العزيز, وما ابتليت به من أمرها, وما لقيت من السجن, وفرقة الشيخ يعقوب صلى الله عليه وسلم، فبكيت من ذلك، وجعلت أتعجب منه, فقال صلى الله عليه وسلم: فهلا تعجبت من صاحب المرأة بالأبواء؟ فعرفت الذي أراد، فبكيت، واستيقظت باكيا, قال سليمان: أي أخي, وما كان حال تلك المرأة؟ قال: فقص عليه عطاء القصة, فما أخبر سليمان بها أحدا, حتى مات عطاء؛ وحدث بها بعده امرأة من أهله, قال: وما شاع هذا الحديث بالمدينة, إلا بعد موت سليمان بن يسار.

الصفحة 167